صحيح أن لبنان عايش مرحلة الإنتداب الفرنسي التي طبعت بعضاً من عاداته وتقاليده، لكنه ليس صنيعة فرنسية كما يظنّ البعض ويحاولون تصويره على أنه "سوريا الكبرى" الذي يضم لبنان وقسم من سوريا وقسم من فلسطين، هذه الأفكار وغيرها دفعت بالأديبة لينا المرّ نعمة الى تناول هذه المواضيع وسواها في كتابها Quand les Anglais livraient le levant à L’état islamique الذي تكشف في طياته وبالوثائق الكثير من الحقائق عن تلك المرحلة.
الإبادة الجماعية
تتحدث الأديبة لينا المرّ نعمة في كتابتها عن المجاعة اللبنانية التي حصلت بعد أسبوع من المجازر الأرمنيّة والتي وصفتها "بالإبادة الجماعية التي تعرض لها اللبنانيون والمنظمة سياسياً". وتروي بالتفاصيل هذه الإبادة، لافتةً الى أن "لبنان اليوم ليس لبنان الكبير الذي كان أيام فخر الدين والذي كانت حدوده تمتد من انطاكيا الى حيفا مروراً بعكّا، بل هو لبنان "الصغير" المسلوب قسم من اراضيه وهي بيروت، صور، صيدا، طرابلس، البقاع والشمال والجنوب وبقيت هذه المدن تطالب بعودتها إلى لبنان عبر "عرائض" قدّمتها بمؤتمر السلام في باريس بعد الحرب العالمية الأولى، وهنا حكم عليها الأتراك بالإعدام عبر الموت جوعاً إذ صادروا كل المؤن الغذائية والقمح المخصص لزراعة المواسم التالية ومنعوا الصيد حتى صيد الغراب وتركوا الجميع يموت جوعاً وقد ساعد الجراد على ذلك".
لبنان الصغير
في هذا الوقت نشأت الحركات الإستقلالية التي كان يقودها رجالات كبار منهم دعيبس المرّ وهو والد المفكر الفريد المرّ زوج الكاتبة والمفكرة الراحلة ميّ المرّ، الذي عمل في شعبة بيروت لجمعيّة نهضة لبنان مع الأخوين داوود واسكندرعمّون ومع البطريرك الماروني مار الياس بطرس الحويك من أجل أن يستعيد لبنان حدوده.
تشرح الكاتبة المرّ نعمة في كتابها أيضًا أن "ما تخوّف منه الأتراك في حينه أنه إذا أستطاع اللبنانيون نيل الإستقلال فإنه لن يبقى للسلطنة العثمانية وجود، من هنا لم يكن من حلّ أمامهم سوى اللجوء الى الإبادة الجماعية"، مشددة على أن "العثمانية وفي المجاعة التي افتعلوها لم يستثنوا الطوائف كافة وقد قتل فيها حوالي 20% من الطائفة الدرزية".
تقارير أميركية
في جزء آخر يروي الكتاب ماذا فعل اللبنانيون ليسترجعوا حدودهم بالرغم من المساعدة الإنكليزية والأميركية لشريف مكة الشريف حسين ونجله فيصل، وقد حاولا ضم لبنان وسوريا وفلسطين الى دولة اسلاميّة جديدة عربيّة تكون عاصمتها مكّة. في حين ذكرت المرّ نعمة أن "تقارير خبيرين أميركيين (ويليام يل-جورج مونتغمري) حضرا الى المنطقة أكدت أن لبنان ليس قسماً من سوريا أو فلسطين، شارحةً أنه "بالنسبة للبنانيين لسنا شعباً واحداً، وصحيح أن لغتنا قريبة من السوريين أو الفلسطينيين لأنّنا جميعاً من المشرق لكنها ليست نفسها من هنا لا يوجد شيء إسمه سوريا الكبرى بحسب ما أكد الأميركيون".
وبالنسبة الى الثورة العراقية التي تم تناولها في الكتاب أيضاً. تشير لينا المر نعمة الى أن "العراقيين رفضوا حكم الإنكليز وفيصل فكانت الثورة التي إشترك فيها الشعب العراقي وتم قمعها من قبلهم بشراسة"، لافتة الى أن "هذه الثورة كما في الإعلان الذي بثّه فيصل في سوريا جذور الدولة الإسلامية التي تسمى اليوم داعش"، مضيفة: "في نطاق هذه الأحداث سمح الانكليز بإحلال عبد العزيز بن سعود مكان الشريف حسين في مكة وانشاء السعودية التي تم الإعتراف بها رسمياً".
والكاتبة الّتي تحدّثت عن تفاصيل كثيرة بقيت مجهولة حتّى اليوم، أشارت الى أن الجنرال شارل ديغول أكد أن الشرق معقّد ولكن ناشر الكتاب SALVATOR أكد أن أسلوب طرح المواضيع ومناقشتها سيجعل فهمه سهلاً. هذا وسيجري حفل التوقيع في الثامن من كانون الأول الساعة الخامسة والنصف عصراً الى غاية الثامنة والنصف في مكتبة أنطوان في مجمع ABC الأشرفية.