يعاني ربيع البالغ من العمر 30 عاماً من حالة مرضية نادرة تسمى إضطراب الشّخصيّة النّرجسيّة. فقد أصبح شخصا "يحب" نفسه كثيرا ولا يبالي للآخرين، ويسعى دائماً للفت الانظار كي يكون مصدر الإهتمام الوحيد أينما وُجد.
يعاني أهل ربيع والأصدقاء وكل من يتواجد حوله من حالته النفسية، إذ انّه يرى نفسه أعلى شأناً منهم ويقوم باستغلالهم في كل المواقف ويدّعي القوّة والكمال.
النرجسية
النّرجسيّة تعني الحبّ الكبير الذي يشعر به الشخص تجاه نفسه. وبالحالة الطبيعية يعتبر مؤشّرا إيجابيا وصحّيا للانسان لانّ على كلّ فرد ان يحبّ نفسه كما هو، ليستطيع النجاح في حياته وتكون ثقته بنفسه مصدر قوة له. ولكن، عندما يصبح هذا الحبّ تجاه النّفس إستثمارا مغلقا ومتطلّبا، يدفع الشّخص إلى الميل نحو تحليل الواقع إستناداً إلى شخصه فقط.
إنّ الشّخص الذي يعيش مع هذا الإضطراب هو شخص كثير التركيز على نفسه وبحاجة أن يكون دائماً محور الإهتمام لدى الآخرين. ومن هذا المنطلق يتصرّف المصاب بهذه الحالة بطريقة تمثيليّة وقلّما يعبّر عن تعاطفه مع الآخرين.
العوارض
يعاني حوالي 0.4 بالمئة من السّكان من إضطراب الشخصيّة النّرجسيّة، ولمعرفة ما إذا كان الشخص يعاني من هذا الأمر، يجب ان تتلاءم حالته على الاقلّ مع خمسة من الاعراض التّالية: عدم التعاطف او نادراً ما يتعاطف مع الآخر، يكون متطلبا للإعجاب المفرط من قبل الآخرين، أن يكون لديه تخيّلات وأوهام نجاح وقوّة غير محدودة، متغطرسا، يعتبر نفسه إنسانا مميّزا جداً وأهمّ من غيره، يستغلّ الآخرين في علاقته معهم، حسود ويشعر بأنّ الآخرين يحسدونه ايضاً، يتبنّى مواقف عظمة، يعتبر نفسه إنسان جميل جداً، يرى أنّه ليس باستطاعة الجميع فهمه وتقبّله إلاّ الاشخاص المميّزين وذوي الشأن، ويعتقد انّه يستحق كلّ شيء.
العلاج
يصعب معالجة الاشخاص المصابين بهذا الإضطراب إذا لم يكونوا على يقين أنّهم يعانون من اضطراب في الشخصيّة، فالانكار يجعل العلاج مستحيلا، وغالباً ما يلجأون للإستشارة من اجل مشاكل أخرى غير متعلقة بالشّخصيّة كالكآبة او الإحباط.
ولكن إذا لجأ الشخص المصاب لمعالجة هذا الإضطراب، فتتمّ المعالجة عن طريق العلاج النّفسي السّلوكي المعرفيّ الذي سوف يساعده على النّظر إلى الآخر وإلى نفسه بطريقة مختلفة وتحسين علاقته مع الغير ايضاً. كما يمكن اللجوء الى الادوية إذا كان يعاني من اضطراب آخر كما ذكر اعلاه، بالاضافة الى الدّعم العائلي المهمّ جدّاً في معالجة هذه الحالة كما حالات أخرى.
تكثر أنواع الأمراض النفسية التي تصيب الانسان، وكلها تجعل من تعامله مع الآخرين صعبا، وبالتالي لا بد من معالجة المريض قبل تدهور حياته بشكل كامل.