أشهر مرّت على الاعتصامات التي أطلقتها اتحادات النقل البري في لبنان برئاسة رئيس اتحاد نقابات ومصالح النقل البري في لبنان بسام طليس. وغابت جراء هذه الاعتصامات كل أشكال المعاينة الميكانيكية عن الآليات المتنقلة على طرقات لبنان، حيث كان نتيجتها العديد من الحوادث التي كان سببها خطأ ميكانيكي في الآلية.
طلبات عديدة انطلقت منها اتحادات النقل بداية من الغاء مناقصة الميكانيك التي فاز بموجبها تجمع شركتي SGS –AUTOSPECT، قبل البدء بطلب تسليم قطاع المعاينة الميكانيكية الى عهدة الدولة. منذ أسابيع تُعطّل مصالح الناس بحجّة المطالبة بإعادة المعاينة الميكانيكية إلى كنف الدولة، وما من أفق لانتهاء هذه الأزمة في ظل معارضة قرارات الدولة.
يعقوب الصراف؟
"نحن في دولة لذا علينا احترام قراراتها ويجب فتح مراكز المعاينة الميكانيكية"، يؤكد رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض في حديث مع "النشرة"، ويلفت إلى أن "كل التحركات التي يقوم بها طليس هو بسبب خسارة مدير عام شركة "ابلوس" يعقوب الصراف المناقصة، والصرّاف هو مقرب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري".
ويرى فياض أن "خلفيات طليس السياسية معروفة وهو يعمل بالسياسة، واذا كان فعلا يرى نفسه صاحب حقّ فليذهب الى القضاء ويطعن بالمناقصة لكن ليس من حقه تعطيل أمور الناس والتحدث باسم السائقين"، متسائلاً "لماذا تحرك الاتحّاد ضد هذه المناقصة ولم يتحرّك ضدّ منع دخول سائقي التاكسي إلى المطار أو ضد مناقصة موقف المطار؟ ألَيْسَ في هذه المناقصات تعطيل لحقوق سائقي النقل العام أيضًا؟ أم ان الخلفية السياسيّة لا تسمح له برفض هكذا مناقصات؟".
أسابيع تمر على المواطن اللبناني دون فتح أي مركز للمعاينة الميكانيكية ما يعرض المواطن لغرامات مرتفعة دون أن يسأل أحد عن حقوقه. وعلى هذا الصعيد، دعا فياض إلى فتح المراكز "فما ذنب المواطن اللبناني ليتحمل تبعات القرارات السياسيّة؟"، ويضيف "غالبيّة السائقين في قطاع الشحن والصهاريج هم من جنسيات غير لبنانية ويمثلون جزءا كبيرا من المتظاهرين أمام مراكز المعاينة، فعن أي حقوق للبنانيين يسألون"؟.
وفي هذا السياق، تلفت مصادر "النشرة" إلى أن "هذا التحرّك يهدف إلى الغاء المناقصة الحاليّة لإعادة اجرائها من جديد وبالتالي اعطاء الصرّاف فرصة جديدة للفوز، واذا لم يتمكنوا من ذلك سيعود هذا القطاع الى كنف الدولة"، لافتة إلى أن "الأمر اذا حصل سيكون كارثيًّا نظرا لرداءة التجهيزات الموجودة حالياً والنقص في عدد المراكز وعدم قدرة الدولة على تأمين الأفضل".
أفضل الموجودين
وفي العودة إلى تجمع شركتي SGS –AUTOSPECT الذي فاز في المناقصة، فإن العروض المقدّمة هي أفضل من الموجودة مع تحميل المواطن مبلغ اضافي يبلغ الـ10 دولارات تقريباً، الا ان اللبناني يدفع أكثر من هذا المبلغ بسبب السماسرة الموجودين. فماذا تقدم الشركة الرابحة للمواطن اللبناني مقابل هذه الاضافة؟
تقنياً، ستعمل"أوتوسبيكت" على تجديد البنى التحتيّة الخاصة بالمعاينة الميكانيكيّة وعلى توسيعها، بعد أن بقيت نحو 14 عاماً على حالها، وستبادر إلى تجديد المراكز الأربعة وتشغيلها، والأهم أنها ستَبني 13 مركزاً جديداً، منها ثمانية مراكز داخليّة وخمسة حدوديّة، وبالتالي سيرتفع عدد المراكز تدريجاً من 4 إلى 17، كذلك ستستبدل خطوط الكشف والمعاينة الـ36 واستحداث 60، بحيث يرتفع عدد خطوط الكشف والمعاينة تدريجاً من 36 إلى 96، فتتصاعد قدرة الاستيعاب الى ما يقارب 277 في المئة.
خدماتياً، سيتم توفير نظام حجز مواعيد المعاينة إلكترونياً، وسيتاح الدفع عبر الإنترنت، ما سيريح المواطن من انتظار ساعات ليأتي دوره. كما ان الشركة ستعتمد تسديد الدفع من السيّارة، لتجنيب السائقين عناء ركن سيّارتهم ومن ثمّ الانتظار في طابور أمام شبّاك تقليدي قبل التوجّه مجدّداً إلى خطوط الكشف والمعاينة والانتظار من جديد.
اقتصاديا، لن تقوم الشركة بطرد الموظفين الموجودين حالياً كما اشيع، بل ستتعاقد مع جميع الذين كانوا يعملون بإدارة المشغّل السابق لامتياز المعاينة الميكانيكيّة، إذا كانوا يرغبون في العمل ضمن فريقها، اضافة الى مئات الأجراء وسيساهم ذلك في تأمين فرص عمل جديدة للمواطن اللبناني.
منذ أوائل شهر أيلول ومصالح اللبنانيين معطّلة دون مبررات واضحة، ودون الوصول الى نتائج ايجابية لصالح المواطن، خصوصاً وأن أي اتّحاد عمالي يجب ان يكون هدفه المصلحة العامة وليس تأييد أي مطلب او موقف او اعتراض او دعوى قضائية مقدمة من أيّ شركة خاصة. فإلى متى سيبقى اللبناني رهينة هذه الإعتصامات؟ وهل ستكون أزمة الميكانيك شبيهة بأزمة النفايات التي يعيشها لبنان؟