شكلت زيارة مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون إلى لبنان ولقائه كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشار بطرس الراعي مادةً دسمة وحدثاً إنقسم عليه اللبنانيون، فتوزعت الآراء على مواقع التواصل الإجتماعي وفي الإعلام بين مرحبٍ وممتعض، كما دخل بعض المغردين السوريين والعرب على خط التعليق على الزيارة.
وقبيل الزيارة إنطلق على مواقع التواصل الإجتماعي هاشتاغ بعنوان "لا لزيارة مفتي البراميل الى لبنان"، رفضاً لها وفي محاولة لمنع حصولها، فكتبت الناشطة فاطمة عيد عبر صفحتها: "من يفتي بالقتل فهو قاتل ومن يشرّع الجريمة فهو مجرم لا لزيارة حسون"، في حين إعتبر مغرّد آخر أن "المفتي حسون يشرّفنا ولا يمكننا فعل شيء لكم بعد هزيمتكم، لقد أصبحتم مثل رفاقكم الإسرائيليين والإرهابيين". من جهته اشار الصحافي ماهر الدنا إلى أنني "لا أعرف عن المفتي حسون الكثير ولم يسبق أن التقيته، ولأنّ كل البلد اتفق على شتمه، فتحية لمفتي النصر ومنذ زمن لم تنور بيروت هكذا".
المواقف والتصريحات التي سبقت زيارة المفتي حسون كانت أقل حدّة من تلك التي واكبتها، ففي حين إعتبر البعض انها جاءت لتحرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن خلفه العهد الجديد خصوصاً انها تزامنت مع التقدّم الكبير الذي يحققه الجيش السوري وحلفاؤه في منطقة حلب في الشمال السوري، معتبرين أن ما يعزز هذه التصور هو ما صرّح به حسون في بهو القصر الجمهوري في بعبدا بعد لقائه الرئيس عون، إذ بدأ بتحية الصحفيين بعبارة "صباحك حلو يا حلب" مما رأى فيه البعض إستفزازاً لمشاعر عدد كبير من اللبنانيين الذين يؤيدون "الثورة السورية"، وخرقاً لسياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان منذ بدء الحرب في سوريا. ورأى آخرون ان الزيارة طبيعية وهي إنعكاس للروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع البلدين.
ولعل أبرز التعليقات والمواقف الرافضة للزيارة التي خرجت عن إطار التعبير عن الرأي لتتعداه إلى التجريح الشخصي والكلام البذيء ما كتبه الصحافي نديم قطيش الّذي صوّب سهامه على حسون والرئيس عون معتبراً أن "استقبال عون للنعل الأسدي حسون لا سيّما في ضوء جريمة حلب، سقطة رئاسية كبيرة جداً جداً وبلا أيّ مبرر"، بدورها ابدت الإعلامية في تلفزيون المستقبل رشا الخطيب إمتعاضها من زيارة حسون للبطريريك الراعي وإن بطريقة غير مباشرة، لافتة إلى أن "كلمة رجل صغيرة ولكن معناه كبير وهذه الكلمة تليق بالبطريرك صفير" في إشارة منها إلى البطريريك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير المعروف بمواقفه الحادّة تجاه النظام في سوريا. الناشطة نادين بكور لفتت إلى عدم إستقبال مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لحسون معتبرة أن "مفتي سوريا استُقبل فقط من الرئيس القوي والبطريرك ولم يستقبله لا مفتي السنّة ولا زعيم السنّة"، مضيفة "هذه اول مرة نرى فيها مفتي سُنّة ماروني". وفي السياق نفسه علّقت صفحة محبي "سعد الحريري" بالقول: "تحيّةً لمفتي لبنان الشّيخ عبد اللّطيف دريان لعدم استقباله مفتي البراميل والإجرام احمد بدر الدين حسون". وأشار الناشط وهيب ديب إلى أن "الراعي يستقبل أحمد بدر الدين حسّون الملقّب بمفتي سوريا ويبحث معه أحدث ما توصّلت إليه أساليب القتل والإجرام وتكنولوجيا العصف بالبراميل ويستبقيه إلى مائدة التبقيط على حساب الشعب الماروني"، بدوره علّق المغرد رمزي الحلبي متهكماً: "قائد العمليات الاستشهادية في اوروبا واميركا المفتي أحمد بدر الدين حسون يرافقه ظابط المخابرات عبد الكريم علي زار قصر بعبدا والصرح البطريركي متوعداً بتحرير حلب من البشر". ونقل الناشط إيلي فواز عن أحد المغردين قوله أن "الهدف من زيارة حسّون هي استدراج للسنّة إلى خلاف مع بعبدا وبكركي"، مضيفاً "على اساس ان السنة وبعبدا في شهر عسل"؟.
الناشطة علا فحص حاولت ان تلخّص زيارة المفتي حسون للبنان بعبارات قليلة وترد على كل الحملات التي طالته، معتبرة أن "حسون مفتي الديار في سوريا ليس رجل حرب ولا يحمل غير رسالة دينية مارسها قبل الحرب الجهنميّة على سوريا وما زال يمارسها"، مؤكدة أن "الرجل هو رجل دين وصاحب عمامة والتطاول على شخصه لا يهينه بقدر ما يهين الأصوات الشاذّة التي علت بسبب زيارته للبنان ولرئيس الجمهورية والبطريركية المارونية"، مستغربة "هذه الأصوات وكأنها تريد توريث داعش دار الإفتاء في سوريا"، متسائلة "لهذه الدرجة تستثيغون داعش وأخواتها.. انضموا لها وابنوا لكم دولة بعيدا". ولم تخلُ الزيارة من تعليقات المغردين العرب فاعتبر المغرّد الاردني ياسر الزغاترة أن "استقبال عون لمفتي "البراميل المتفجرة" حسون في قصر بعبدا عار عليه، لكن تحالفاته تفرض عليه ذلك"، ورأى المعارض السوري بسام جعارة أن "استقبال عون للمفتي حسون لا يضيف جديدا فالشبّيحة ينسقون اجرامهم".
ومع كل حدث إن كان عالميا او إقليمياً او محلياً بات الإنقسام اللبناني وخصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي سيّد الموقف وحديث الساعة بين رواد الشبكة العنكبوتية، مع العلم ان كل تلك المواقف نادراً ما تكون مؤثّرة على واقع الحال، ولعل زيارة المفتي حسون ابرز مثال، ففي الوقت التي شُنّت الحملات عليه وتناولته على المستوى الشخصي في معظم الأحيان إلا ان الزيارة مرت مرور الكرام ولم يشوبها اي شائبة وحظي الرجل بإستقبال طبيعي من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن البطريريك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.