فوجئت دوائر معراب بـ ما سمعته مساء الجمعة وأعادت الإستماع مرارا وتكراراً للكلام الذي أدلى به السيد حسن نصرالله خصوصا المقطع الذي دغدغ فيه المشاعر القواتية وانصرفت المكاتب الإعلامية والسياسية ومكاتب التحليل والدراسات القواتية إلى وضع الخلاصات وتقديمها للحكيم لأن الكلام الذي أطلقه السيد هو خارج عن المألوف ولم تسمعه معراب سابقا عبارة واحدة «حزب القوات له الحيثية الشعبية» كانت كافية لضخ الحماسة في أروقة المكاتب الاستشارية الملحقة بالدكتور سمير جعجع وكانت التقارير المقدمة مرافقة بالاسطر الفوسفورية نظرا لأهمية الموضوع قيد المناقشة في الاجتماعات المكثفة التي عقدت لاحقا وخرج البعض إلى وسائل الإعلام يزف الإشارات الإيجابية التي حملها خطاب السيد وبعضهم لجأ إلى التأكيد بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة الحوار تمهيدا لورقة النيات ستبصر النور قريباً وفق مصادر 14 «اذارية» طلقت هذا الفريق.
وتتابع هذه المصادر اما في المحور الآخر فبدأ البعض يضرب الاخماس بالاسداس وبدأوا يتلمسون الطريق ومسالكها بعدما أضفت عبارة السيد الضباب على الرؤية وبدأت الأسئلة: هل هي خيار استرتيحي؟ ام انها لزوم التهدئة الداخلية التي يسعى اليها الحزب؟ وهكذا ستنكفىء الطلات الإعلامية لقوى الممانعة كي، لا يقع «نجومها» في أخطاء التقدير وقبل أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
عبارة واحدة بكلمات محددة ومختصرة شغلت الأوساط في كلا الفريقين وهي لا تزال بحاجة إلى المزيد من التوضيح أو لطلة جديدة للسيد كي يضيف إلى «الحيارى» بعضا من الشرح كي يتخذ هولاء المواقف حسب المقتضى و لكن البعض يؤكد أن الأمور لا تزال على أحوالها وأن اي تطور جديد لم يطرأ على المشهد وعبارة السيد تشبه الموقف اللافت الذي اتخذه عشية الانتخابات العام 2005 ففي ذلك الوقت وقف السيد حسن شخصيا وطلب من جمهوره انتخاب لائحة المتن الجنوبي بكامل أعضائها علما انها كانت ائتلافية تضم الراحل ادمون نعيم مرشحا قواتيا فيها وعرف التحالف آنذاك بـ«الحلف الرباعي» والذي وقف في وجهه الجنرال ميشال عون .
ويؤكد هذا البعض وفق هذه المصادر أن السيد كما هو دائما يسعى إلى التهدئة وسط «الدربكة» الحاصلة في تأليف الحكومة وهذا لا يلغي الخصومة السياسية والامر ذاته يحصل مع تيار المستقبل الخصومة معه لا تلغي الحوار والسيد لطالما يشدد على أن لا عدو لنا سوى العدو الإسرائيلي وأما الآخرون فهم اخصام لنا.
وتلفت المصادر الى ان البعض الآخر ينحاز إلى التفاؤل ويعتبر أن عبارة السيد هي رسالة واضحة ومباشرة للقوات اللبنانية ما على الأخيرة سوى تلقيها والعمل من خلال جديتها ويعتبر هذا البعض أن اجتماعات مطعم «الساحة» على طريق المطار نجحت في فتح كوة في جدار العلاقات بالرغم ان الحضور اقتصر على الإعلاميين المقربين من الفريقين لكنه أسس لحوار قد يتطور إلى المستويات الأعلى وبناء على تدرج المستويات في هذا الحوار ينتظر الوسطاء أن يبادر الحكيم إلى «تهدئة البال» قليلا والا يكون ملكيا أكثر من غيره فإذا كان السيد يتخذ المواقف ببعديها الإقليمي والدولي فما علاقة اي طرف محلي وتحديدا جعجع بهذه المعركة الاستراتيجية. ويضيفون ان العلاقات العونية - القواتية كانت أشد فتكا وتخللتها المعارك العسكرية وسقط عدد كبير من الضحايا رغم ذلك فإن الماضي الثقيل لم يمنع الوسطاء من التحرك في سبيل ترميم العلاقة بين الإخوة الأعداء ونجحوا في وضع ورقة النيات كمنطلق لعلاقات تبدو متينة في المديين القريب والاوسط فيما العلاقات القواتية مع حزب الله لم تشهد سوى صراع سياسي عنيف لكنه خال من أي عمل عسكري بينهما. وهذا يسمح بالانطلاق في حوار يبدو حالياً مستحيلاً لكنه يلوح في الأفق.
إذا هل بدأ الحوار بين حزب الله والقوات؟ سؤال يعتبره البعض سابقاً لأوانه وان أمامه الكثير من النيات الطيبة المتبادلة خصوصا ان الحذر الشديد يهيمن على تاريخ العلاقات بينهما. كما أن جعجع أمامه مسيرة طويلة كي يظهر خلالها التهدئة بعدما تخصص في الرد المباشر على كل خطاب للسيد وان النموذج بعدم التعليق الذي قدمه بعد الخطاب الأخير للسيد يؤسس للبدء في الخطوة الأولى لمسيرة الألف ميل كما أن المنصات الإعلامية الصديقة لمحور الممانعة وروادها المعروفين ستلوذون بالصمت المطبق بعدما صالوا وجالوا في القدح والذم وعليهم قراءة التطورات الإقليمية الخطرة في ظل الحسم العسكري المفاجىء في حلب ومدينة الباب ومؤخرا تدمر. كما أن على هؤلاء أن يدركوا جيدا أن العماد ميشال عون هو الآن رئيس الجمهورية الذي وصفه السيد بالثلث الضامن ومن بعبدا تنطلق التطمينات وهي الكفيلة بضمان «وثيقة تفاهم بين معراب وحارة حريك»؟! فهل يتجرأ «الحكيم» ويقدم حيث لا يجرؤ الآخرون!؟