مهما قال أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، وكيفما جاءت تعليقاتهم حول ما أثير أن فحوصات الحمض النووي أجريت لهم بعدما تسلمت الدولة اللبنانية عدداً من الجثث الموضّبة التي عثر عليها في مغارة من مغاور بلدة قارة القلمونية، "يحق للأهالي ما لا يحق لغيرهم" يعلق مصدر رسمي مواكب لهذا الملف منذ خطف العسكريين وحتى اليوم، "لأنهم في نهاية المطاف أصحاب قلوب محترقة على فلذات أكبادهم التي فقدوا أخبارها منذ أكثر من سنة وفقدوها خطفاً يوم حصلت غزوة عرسال في آب من العام 2014.
ولكن ما يقوله الأهالي عن أنهم لم يتبلغوا أي خبر رسمي من الدولة والمراجع الأمنية، يؤكد وجود الجثث التي حُكي عنها، شيء، وما هو واقع، شيء آخر بالكامل. فما يقوله الأهالي هو من باب فسحة الأمل بعودة أبنائهم اليهم وهم على قيد الحياة، وهذا حق لهم، ولكن هذا لا يعني أبداً أن ما من جثث عثر عليها موضبة في القلمون، وإلا "لماذا إنتظرت الدولة سنتين ونصف السنة كي تطلب من أهالي العسكريين إجراء فحوصات الحمض النووي؟ وهل تجرى هذه الفحوصات عادة بشكل روتيني؟ بالتأكيد لا يقول المصدر المواكب مؤكداً ان هذه الفحوصات وكما يعرف الصغار قبل الكبار، لا يُطلب من ذوي أي مخطوف او مخطوف أو شهيد إجراؤها
ألا في حال وجود جثة مجهولة الهوية وبهدف التأكد ما إذا كانت هذه الجثة تعود الى هذا المخطوف أو المفقود أو الشهيد أم لا".
ورداً على سؤال لماذا لم تصارح الدولة الأهالي بوجود الجثث لديها منذ اللحظة التي طلبت منهم فيها إجراء فحوصات الحمض النووي، يقول المصدر المواكب لهذه القضية، "عدم المصارحة هي إجراء أمني روتيني تعتمده الأجهزة الأمنية والعسكرية في التعاطي مع ملفات بهذه الدقّة. فكما يمكن أن تكون هذه الجثث التي عثر عليها في قارة للعسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش الإرهابي، يمكن أن تكون لغير العسكريين اللبنانيين، خصوصاً أن عدد قتلى الحرب السورية يقدر بمئات الآلاف، وعدد المفقودين من هؤلاء كبير أيضاً، كما أن عدد الفصائل والتنظيمات المقاتلة في هذه الحرب الدولية الإقليمية لا يعد ولا يحصى، وعمليات الخطف والتصفية بين هذه التنظيمات لا سيما المعارضة للنظام منها، كثيرة أيضاً، وبالتالي من الطبيعي جداً ألا يبلغ أهالي المخطوفين خبراً كهذا مع ما يمكن أن ينتجه من تداعيات نفسية وإنسانية عليهم، ما دامت الدولة اللبنانية لم تتأكد بعد من هوية هذه الجثث وما إذا كانت عائدة للعسكريين المخطوفين أم لا.
لكل ما تقدّم تتعاطى الدولة بسريّة تامّة مع هذا الملف، سريّة تنطبق حتى على أهالي العسكريين، وعندما تصدر نتائج الـ DNAلكل حادث حديث، وإذا كانت الجثث عائدة للعسكريين المخطوفين، هناك طريقة تراعي قدر الإمكان المشاعر الإنسانية، تعتمدها
الدولة لتبليغ أهالي الشهداء بهكذا خبر، طريقة سيتم اعتمادها أيضاً مع الأهالي تمهيداً لتسليمهم الجثث.
في المحصلة، أياً كانت الطريقة التي قد يبلغ فيها الأهالي، وعلى أمل ألا يبلغوا بخبر كهذا، ومهما حاولت الدولة التخفيف من وقع الصدمة عليهم، ستبقى النقمة لدى عائلات العسكريين على الدولة، وستترسخ أكثر فأكثر القناعة الموجودة راهناً لديهم بأن التساهل السياسي والتراخي وقتذاك في معركة عرسال هو الذي سبب خطف العسكريين، وهو الذي سمح بتسليمهم للإرهابيين قبل أن يعمد هؤلاء الى توزيعهم بين جبهة النصرة و"داعش".