ترك المغول بصمتهم المميزة في التاريخ العسكري للبشرية، وذهبت طريقتهم في الإبادة الشاملة مثلاً، فيقال "هجموا كالمغول". والمتمعّن في التاريخ المغولي يجد بسهولة أن الإبادة الشاملة لم تكن اسلوباً عسكريا بقدر ما كانت استراتيجية سياسية. فكانوا يعرضون الإستسلام ودفع الجزية أولاً، والمدينة التي ترفض يكون مصيرها الدمار الشامل لتكن عبرة لغيرها، فتتهاوى سريعا المدن والبلاد مستسلمة تحت تأثير الرعب. وفي حالة مدينة نيسابور التي صمدت بوجههم وقتلت قائد الحملة زوج ابنة جنكيزخان، كان مصيرها الدمار الشامل ولم يكتفوا بإزالة أبنيتها وطرقاتها بل حرثوها وزرعوها شعيراً.
هذا ما حدث في ماضٍ كانت تسود فيه شريعة الغاب، حيث لم يكن هناك مِن قانون دولي ولا مَن يحاسب. ولكن هل يتصور أحد في عصرنا الحاضر أن تعمد دولة لهدم مدينة بعد احتلالها وتنجو بفعلتها؟ نعم فعلتها تركيا.
تقع مدينة شرناق (rnak) في جنوب شرق تركيا قرب الحدود العراقية، يقطنها حوالي 63 الف نسمة، وهي مركز محافظة شرناق التي تضمّ عدة مدن وبلدات غالبية سكانها من الأكراد. بعد انهيار وقف إطلاق النار بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية. إثر تفجيرات انتحارية استهدفت تجمعات كردية، عادت العمليات العسكرية لتشتعل بين الجانبين، وقد استغلت حكومة حزب العدالة إعلان حالة الطوارئ في البلاد عقب الإنقلاب الفاشل، لتهاجم بعنف غير مسبوق أهم المدن الكردية في جنوب شرق البلاد، واستعملت أحدث الطائرات والدبابات، في تدمير هذه المدن والبلدات، حتى أصبحت مشاهد الدمار في بعض أحيائها مشابهة لأحياء حلب.
وخلال هذه الحملة التي امتدت من حزيران الماضي حتى تشرين اول وضعت المنطقة بأسرها تحت حصار مشدد منع وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية وبعضها اوروبي من التوجه لمعاينة الوضع ميدانياً. كل هذا يحدث تحت غطاء حالة الطوارئ.
وفي حالة مدينة شرناق مركز المحافظة كان الوضع غير قابل للتصديق لولا الصور التي تسربت من الداخل. فقد عمدت القوات التركية بعد إخلاء المدينة من سكانها. إلى تدمير المدينة بجرافات " البوكلين"، ولم تكتفي بهدم الأبنية بل طحنت حجارتها لتصبح بحجم قبضة اليد ! في إجراء يعيدنا بالذاكرة الى أفعال المغول في الزمن الغابر.
والصور أصدق إنباءً من أي كتبِ.
صورة لمدينة شرناق بعيد سقوطها عسكرياً.
المدينة قبيل انتهاء الجرافات من تدميرها والإبقاء على المسجد.
هل يطمح أردوغان حقاً للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، أم أنه يمزح؟
اردوغان يثبت مراراً وتكرارا أنه لا يختلف بتفكيره عن قادات أحرار الشام والزنكي الذين يدعمهم ويرعاهم إلا بالبذلة الغربية وربطة العنق . والتي يتوق للتخلص منها بعد تحقيق أحلامه السلطانية.