الحديث عن تخصيص وزارة للمرأة في الحكومة التي يُعمل على تشكيلها يدل الى ما يشبه عملية جراحية لتكبير النهدين. لكن نية القيادات السياسية صافية طبعاً، وهي تسلية أعضاء مجلس ستغيب عن جدول أعماله مشاريع الإصلاح والتغيير نحو الأفضل. مجلس وزراء سيشهد، كما يبدو، استمرار صراعات المحاصصة بين زعماء الطوائف والمذاهب والأحزاب.
والويل الويل اذا خطر في بال الوزيرة المطالبة بحصة المرأة اللبنانية في البازار الحكومي.
فاذا تبنّت المنطق نفسه القائل بتولي كل فئة وزارات حسب حجمها الفعلي، يصبح لزاماً استبدال نصف أعضاء المجلس بسيدات. واذا ارادت المطالبة بحصّة السيدات بحسب طوائفهنّ ومذاهبهنّ فسيقتضي ذلك توسيع الحكومة الى 48 او 60 وزيراً ووزيرة. فمنطق مناصفة مؤسسات الدولة بين المسلمين والمسيحيين مثلاً هدفه صحة التمثيل وتوازنه. وعملا بهذا المنطق لا بد من ان تتمثل المرأة بنصف مراكز السلطة.
وبموجب الدستور «لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك» (الفقرة ياء من مقدمته)... العيش المشترك يضم كل فئات المجتمع والمرأة تشكل نصف المجتمع وهي موزعة على الطوائف والمذاهب والأحزاب فلماذا لا تحظى بنسبة التمثيل السياسي نفسها؟
لا يمكن للقوى الطائفية والسياسية على الأرجح الإجابة على هذا السؤال من دون إهانة المرأة عبر تحجيمها والحسم بأن مكانها «الطبيعي» هو البيت، لا بل المطبخ او غرفة النوم، ووظيفتها الاساسية الولادة ورعاية الأولاد.
وتتحمل المرأة اللبنانية جزءاً من المسؤولية، لا بسبب ميول بعض السيدات النجمات الى إثارة الشهوات الجنسية، بل بسبب انكفاء عملها النضالي في مواجهة الشوفينية الذكورية المتجسدة في المجتمع الاستهلاكي. تساهل المرأة او سكوتها عن استخدامها كسلعة في النظام الزبائني السائد يزيد من دوافع استغلالها. وفي احسن الأحوال ستكون الوزيرة اليتيمة في حكومة ابطال الذكورية الطائفية والمذهبية مجرد حجة لرئيس المجلس للاعتراض على الكلام البذيء لبعض الوزراء.
في الصورة الرسمية لمجلس الوزراء قد تلبس الوزيرة الأبيض مثل زملائها... ستكون مثل العروس، لكن ليس في عرسها، بل في حفلة تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة.
قد لا يجوز ان تدخل الذكورية والأنثوية في اعتبارات محاصصة السلطة بسبب عدم وجود اي فارق بين الجنسين في قدرتهما على تولي المسؤولية. وبالمعادلة نفسها هل يجوز ان تكون الطائفية والمذهبية في لبنان اليوم أساس محاصصة السلطة؟