أنجز التيار الوطني الحرّ انتخاباته الداخلية. أراح منكبَيْه من عبء طفرة الراغبين في “الارتفاع” الى مصاف النواب على لوائحه في مختلف الأقضية، واستمهل المتحمّسين ممن كرّست الاستطلاعات حظوظهم في انتظار مرحلةٍ ثالثةٍ محكومةٍ بالقانون الانتخابي المُعتمَد وطبيعة التحالفات الآخذة في التبلور لا سيما مع الحليف المسيحي الجديد: معراب!
تماهيًا مع ما توقّعه كثيرون من مراقبي المرحلتين الأولى والثانية من هذه التجربة السياسية-الحزبية الرائدة، لم تخرج نتائج المرحلة الثانية كما سالفتها بأيّ مفاجآت، فيما حملت المحصّلة العامة تصدُّر نوابٍ لهم في الخدمة والإطلالات باعٌ، مقابل وجوهٍ جديدة أسعفها عدم ترشُّح بعض النواب الحاليين لولايةٍ ثانية على شاكلة قضاء كسروان.
من أنجز الاستطلاعات؟
بعد انتخابات حاملي البطاقات في مرحلةٍ أولى والتي شكّلت مؤشرًا أوليًا لا يُركَن اليه كثيرًا من باب “المحسوبيات” والعلاقات الشخصية التي يمكن أن ترجّح كفّة مرشّح على حساب آخر، بدت المرحلة الثانية الراكنة الى رأي الجمهور البرتقالي بمثابة الكلمة الفصل غير القابلة للتشكيك. جميع المؤهلين من المرحلة الأولى تنافسوا في استطلاعاتٍ توزّع منجزوها على الدوائر شتى، ووُضِعت أمام كلّ دائرة عروض للاختيار من بين ستّ شركات استطلاع أو إيثار خيار الدائرة الداخلية في التيار لتضطلع هي نفسها بالاستطلاع، فكانت حصّة الدائرة الداخلية عشر دوائر مقابل سبع دوائر لعبدو سعد وثلاث دوائر مشتركة خضعت لكلا الاستطلاعَين.
نصف الفائزين أسماء جديدة!
وفي هذا المضمار، يؤكد منسّق اللجنة المركزية للانتخابات الداخلية في التيار الوطني الحرّ نسيب حاتم في حديثٍ لـ”صدى البلد” أن “النواب والوزراء في التيار الوطني الحرّ خضعوا للامتحان نفسه الذي خضعت له الوجوه الجديدة إيمانًا منّا بضرورة انطلاق الجميع من النقطة نفسها، وحكمًا المستفتاة آراؤهم يعرفون النواب والوزراء أكثر من المرشّحين الجدد، لذا كان عليهم أن يستعدوا قبل فترة من الزمن ليتمكنوا من منافسة أسماء لها خدماتها وعلاقاتها. ومع ذلك، لم يتفوّق النواب والوزراء في كلّ الدوائر بل برزت وجوهٌ وأسماء جديدة، ففي كسروان على سبيل المثال لا الحصر الأسماء الخمسة المرشّحة تعود لمرشّحين جدد تمامًا. وفي المحصّلة يمكن القول إن أكثر من نصف المرشحين المؤهلين الى المرحلة الثالثة هم من مصاف الوجوه الجديدة".
في انتظار التحالفات والقانون!
عن التفاصيل التقنية التي رافقت المرحلة الثانية والاعتبارات التي تحكم المرحلة الثالثة، يلفت حاتم الى أن “المرحلتين الأولى والثانية شهدتا مبارزة بين رفاق الصفّ الواحد، أما في المرحة الثالثة فيرتفع منسوب الجديّة إذ تغدو المبارزة مع جميع المرشّحين المحتملين في دائرة معيّنة حتى لو كانوا خصومًا أو حلفاء. وهنا يبرز مرشّحو التيار في تصنيفهم مقابل الحلفاء أو الخصوم في كل دائرة على حدة. في شتّى الأحوال، حتى الساعة ما زلنا نصنّف أفرادًا حسبما أفرزت الاستطلاعات بيد أن أيًا منّا لا يعرف على أساس أيّ قانون ستُجرى الانتخابات، ما يفضي الى نتيجةٍ مفادُها أن نتائج الاستطلاعات لن تكون ملزمة تمامًا في حال تمّ تكريس قانون الستين. فهل يُعقَل مثلًا في دائرة كالمتن أن ننافس كتيّار بأربعة مرشّحين موارنة ومرشّح كاثوليكي ومرشّح أرثوذكسي؟ المنطق لا يقول ذلك، والتيار لم يستطع يومًا أن يكرّس هذه الحالة وليس مطلوبًا في طبيعة الحال أن يكرّسها أو أن يكون وحيدًا في أيّ ساحة انتخابيّة. وبناءً عليه، يبقى جميع الفائزين في الاستطلاع مرشّحين محتملين على أن يرتبط حسم اختيار المرشحين المحتملين ليكونوا مرشّحين نهائيين بهويّة حليف التيار في تأليف اللوائح، فضلًا عن قانون الانتخاب الذي سينتصر في نهاية المطاف”. وشدد حاتم على أن “ما هو منشور من نتائج أمام الرأي العام له صدقيّتُه وله تراتبيّتُه، ويبقى أن ننتظر المرحلة الثالثة التي نعتبرها حتى الساعة غير موجودة. وبالتالي لن تأخذ قيادة الحزب على نفسها إيثار مرشّح على آخر خارج التراتبية التي أفرزتها الاستطلاعات، كما ولن تزكّي اسمًا غير مرشّح أصلًا".
الجمهور شريك...
هكذا إذًا، رسم التيار الوطني الحرّ لنفسه ولجهموره وللرأي العام صورةً أوليّة عمن سيمثّلهم من الكوادر البرتقالية. تجربةٌ متى أوصلها عرّابوها الى ترجماتٍ ذات نجاح وصدقيّة عاليَيْن، قد تُلهِم أحزابًا أخرى، وقد يستسيغها الجمهور بإعلان نفسِه شريكًا في اختيار ممثليه المحتملين باكرًا لا الهابطين عليه بمظلاتٍ سياسيّة أو مالية.
النتائج النهائيّة: من تأهّل ومن خرج... ومن تفوّق؟
* طرابلس (المقعد الماروني): الفائز طوني ماروني بنسبة 23,66%.
* الكورة (مقعد الروم الأرثوذكس): الفائزان جورج عطالله بنسبة 37,97% وعمر طالب بنسبة 21,57%.
* بيروت الثالثة (المقعد الإنجيلي): ادكار طرابلسي 9,44%، وعن المقعد السني رمزي دسوم 8,39%.
• عاليه: عن المقعد الماروني سيزار أبي خليل 60,93%، وعن مقعد الروم الارثوذكس الياس حنا 34,27%.
• بيروت الأولى: عن الروم الكاثوليك نيكولا صحناوي 65,39%.
• بعلبك الهرمل: عن المقعد الماروني خليل شمعون 72,73%؛ عن مقعد الروم الكاثوليك الفائز ميشال ضاهر 59,30%، والخاسر الياس نصرالله 21,03%.
• جزين (المقعد الماروني): الأول أمل أبو زيد بنسبة 80,50%؛ الثاني زياد أسود 72,30%. وعن مقعد الروم الكاثوليك الفائز سليم الخوري 39,30%، والخاسر نقولا حجار 9,70%.
• زحلة: عن المقعد الماروني سليم عون 61,50%. وعن مقعد الروم الارثوذكس الفائز غابي ليون 37,10%، والخاسر توفيق ابو رجيلي 26,10%.
• المتن: عن المقعد الماروني ابراهيم كنعان 64,10%؛ نبيل نقولا 38,40%؛ طانيوس حبيقة 22,66؛ ابراهيم الملاح 16,32. عن مقعد الروم الارثوذكس الياس بو صعب 87,99% (وهي النسبة الأعلى على الإطلاق في إجمالي المشمولين بالاستطلاع)، وعن مقعد الروم الكاثوليك الفائز إدي معلوف 34,98%، والخاسر شارل جزرا 18,79%.
• بعبدا: عن المقعد الماروني آلان عون 67,81%، ناجي غاريوس 51,87%، حكمت ديب 51,49%، والخاسران هما روبير فغالي 9,94% ونادين نعمة 7,84%.
• كسروان: عن المقعد الماروني أنطوان عطالله 13,98%، جوزف بارود 10,72%، ميشال عواد 10,56%، إيلي زوين 10.20%، توفيق سلوم 8,69% علمًا انه انسحب فحلّ مكانه نعمان مراد 7,45%. والخاسر بيارو خويري 5,35%.
• عكار: عن مقعد الروم الأرثوذكس اسعد درغام 52,78%، وعن المقعد الماروني جيمي جبور 34,60%، أما زياد بيطار 31,39% فلم يتأهل.
• الشوف: عن المقعد الماروني ماريو عون 65,20%، غياث البستاني 47,70%، كاتيا كيوان 16,10%. ولم يتأهل إيلي المتني 15,90% ووليد ابو نادر 12,60%. أما عن المقعد الدرزي: خليل حمادة 39,80%، وعن مقعد الروم الكاثوليك غسان عطالله 48,60%، وعن المقعد السني طارق الخطيب 36,70%.
• جبيل: عن المقعد الماروني سيمون ابي رميا 60,10%، وناجي حايك 17,70%، أما بسام الهاشم فلم يتأهل ونال 16,40%.
مع الإشارة الى أن هناك أسماء وردت على ألسنة الناس وربّما نالت نسبةً معيّنة ولكنها لم تُذكَر في النتائج لأنها غير مرشّحة رسميًا في انتخابات التيار الداخلية، إما لأن أصحابها غير منتسبين رسميًا الى التيار وإما لأن عمر بطاقاتهم لم يخوّلهم خوض الانتخابات بمرحلتيْها الأولَيَين.