على الأقوى أنّ البيان الوزاري سيعكس مناخ التهدئة والتسهيل. ليس منطقياً بعد الانفراجات في انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة أن يقع الفرقاء في فخ المراوحة.
يرجّح الجميع ألا يستهلك هذا البيان وقتاً طويلاً في إنجازه على قاعدة تسليم رئيس الحكومة سعد الحريري باستناده إلى خطاب القَسَم، كما أعلن في كلمته من القصر الجمهوري بعد تشكيل الحكومة.
بطبيعة الحال، فإنّ التيار الوطني الحرّ وحليفه الجديد حزب القوات يتبنّيان خطاب القَسَم. وليس من المستبعَد بحكم التفاهم القائم بين حزب الله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن يبدي الحزب موافقته على إسناد البيان الوزاري إلى خطاب قَسَم الرئيس، خاصة أنّ نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أشاد به واعتبره عظيماً.
لكن أن يستند "البيان" الى خطاب القَسَم شيء وأن يجري تبنّيه بكليته شيء آخر، مما يفتح الباب على إضافات وزيادات وإنقاصات من هنا وهناك.
الفكرة السائدة خلال الأسابيع الماضية كانت تقوم على استنساخ بيان حكومة الرئيس تمام سلام وتحويله إلى بيان وزاري للحكومة الحريرية، مع إضافة تتصل بالتركيز على ضرورة صياغة قانون انتخابي جديد في المهلة المتبقية لإجراء الانتخابات، وربما التأكيد أيضاً على أن تصدِر هذه الحكومة موازنة سنوية للدولة اللبنانية.
هل هذا يعني أنّ نقاش اللجنة المكلفة إعداد البيان كان أمس خالياً من الفِخاخ ونقاط تعارض أو تضارب في المواقف؟
نقاط التعارض بين الفريقين، هي: المحكمة الدولية، معادلة الجيش - الشعب –المقاومة، ودور حزب الله في سورية. مقاربة هذه القضايا ستُعالَج إما عبر بنود وردت في بيان الحكومة السابقة وخطاب القسم، أو باعتماد ديباجات فضفاضة حمالة أوجه تتيح لكلّ فريق أن يفهمها على "ذوقه الخاص"، إذ ستتمّ الإشارة إلى التعامل مع الإرهاب استباقياً وردعياً وتصدّياً للقضاء عليه.
ليس متوقعاً أن ننتظر طويلاً كي نشهد ولادة البيان الوزاري. عُقد أمس، أول اجتماع للجنة الثمانية برئاسة الرئيس الحريري. كان الجو إيجابياً. أفكار بناءة جرى التداول بها. تمّ الاتفاق على أن يكون البيان مقتضباً من صفحات معدودة، غير إنشائي، بعناوين خطاب القَسَم ومضمونه، مع بعض الصياغات المستوحاة من الحكومة السابقة، شرط أن تكون ملائمة، بالإضافة إلى الصياغة الخاصة للمولجين بالمهمة. لن يخرج البيان الوزاريcopy paste عن البيان الوزاري "السلامي" وخطاب القَسَم.
إنّ العناوين بحسب مصادر المجتمعين لـ"البناء" معروفة تتعلق باتفاق الطائف، إقرار قانون انتخاب عصري، الأمن، القضاء، معالجة أزمة النزوح عبر تأمين العودة السريعة، التشديد على ضرورة الالتزام الدولي بالمساعدات والإيفاء بالالتزامات، السياسة الخارجية للبنان، الموازنة، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لجهة العمل على وضع خطط تنموية شاملة واقتصادية متكاملة.
لن يجسّد نصّ البيان الوزاري بـ"الحبر" معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لكنه في الوقت نفسه سيجمع بين ما أكد عليه رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول، بقوله "إننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا"، وبين بيان حكومة العام 2014 "من واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، بوسائل مشروعة شتى، مع تأكيد حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".
انكبّ الرئيس الحريري مساء أمس، بعد انتهاء الاجتماع على وضع مسودة ما تمّ التداول به من آراء من قبل الوزراء (محمد فنيش، سليم جريصاتي، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، يوسف فنيانوس، بيار ابي عاصي، ومروان حمادة). وعلمت "البناء" أنّ المسودة ستوزّع على الوزراء اليوم ليستطلع كلّ وزير موقف فريقه السياسي، لتعقد جلسة غداً الجمعة لمناقشة التفاصيل والاتفاق على الصيغة النهائية، وإحالتها إلى مجلس الوزراء.
يستبشر الوزراء خيراً بنيل الحكومة الثقة بين عيدي الميلاد ورأس السنة. ليس مستبعداً أن يعقد مجلس الوزراء جلسة قبل الأربعاء للتصديق على البيان الوزاري وإحالته إلى البرلمان. بحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، تجري مناقشة البيان الوزاري في جلسة عامة تعقد بعد 48 ساعة على الأقلّ من جلسة التلاوة ما لم يكن وزّع البيان الوزاري على النواب قبل هذه الجلسة بمدة مماثلة.
هل يتحقق ما يُقال مراراً ومن أكثر من مكون، إن لا مشكلة في البيان الوزاري، فيتمّ تجنّب شياطين التفاصيل ووشوشاتها في آذان الحكومة في سياق تطبيق سياستها؟
مقبل الأيام يحمل الجواب!