ترأس رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس ميلاد السيد المسيح، منتصف الليل، في كنيسة مار مارون في طرابلس.
وفي العظة التي ألقلها، أكد المطران بو جوده أن "الميلاد ليس مجرّد مناسبة إجتماعيّة نزيّن فيها بيوتنا والشوارع ونشعل فيها الأنوار ونتبادل الهدايا والزيارات، ثمّ نطوي الصفحة لنعود إلى روتينيّة ورتابة حياتنا اليوميّة. الميلاد هو حدث دائم نعيشه كل يوم لأنّه عيد تجسّد إبن الله، إنّه زمن المصالحة بيننا وبين الله لأنّه تنفيذ لوعد الله الخلاصي الذي قطعه لأبوينا الأوّلين، آدم وحواء، عندما إبتعدا عنه ورفضاه وإستسلما لإغراءات الشيطان المجرّب الذي أقنعهما بأنّهما إذا عملا ما يطلبه منهما، يصبحان كآلهة ولا يعود لله أي سلطة عليهما"، معتبراً أن "الميلاد هو عيد تجسّد إبن الله، إذ به عادت الطبيعة الإنسانيّة لتتوحّد بالطبيعة الإلهيّة إذ أنّ المسيح المولود هو في الوقت عينه إله وإنسان".
واعتبر أن "علاقة الإنسان بالله لم تكن دائماً على ما يرام، إذ إنّه كان دائماً يعود فيستسلم لإرادة الشيطان بدلاً من أن يستسلم لإرادة الله، بينما بقي الله أميناً لمواعيده. وهكذا فإنّنا نرى أنّه يوم ولادة يسوع، ومع أنّه كان في العالم والعالم به كان، فإنّ العالم لم يعرفه إذ أنّه جاء إلى أهل بيته فما قبله أهل بيته، كما يقول يوحنا. ومع أنّه من سلالة ملوكيّة هي سلالة داود لم يستقبله الأنسباء والأقرباء، ولم يكن لوالديه موضع في الفندق عندما جاءا لينفّذا أمر الحاكم للإحصاء، فقد وضعته أُمّه في مغارة وفي مذود للحيوان"، مشيراً إلى أنه "كلّما إهتممتم بأي جائع وعطشان أو مهجّر أو سجين أو عريان فإنّكم بي أنا بالذّات تهتمّون. المسيح لم يولد مرّة واحدة في التاريخ أيها الأحباء، إنّه يولد كل يوم ويتجسّد فعلياً في كل جائع وعطشان، في كل لآجئ ومهجّر، في كل ضحيّة من ضحايا الحقد والضغينة، وكم هم كثر اليوم في بلادنا وفي البلدان المجاورة، وكل بلدان الشرق الأوسط حيث تستعر المعارك والحروب. ونحن نرى نتائجها في شوارع بلداتنا ومدننا وقرانا، من أطفال مشرّدين، ورجال ونساء يستعطون لقمة العيش. فلنتجرّأ ونقلب الصورة، على ما يقول القديس منصور دي بول: إذا رأيتم إنساناً قذراً تملأ جسمه القروح، لا تتوقّفوا عند هذه الصورة، بل أقلبوها فتروا على وجهها الآخر صورة المسيح".
ولفت إلى أنه "إلى مثل هذا الموقف يدعونا قداسة البابا فرنسيس اليوم، فلا نكتفي بالإهتمام بخروف واحد ضال، بل نوسّع آفاقنا كي نهتم كذلك بالتسعة والتسعين الآخرين. وهكذا نعيش حقيقة فرح الميلاد وفرح الإنجيل ونرتّل مع الملائكة قائلين: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر. وإنّنا في هذه المناسبة، وقد بدأ لبنان يعود شيئاً فشيئاً إلى وضعه الطبيعي، مع إنتخاب ميشال عون رئيسا للجمهوريّة وتأليف الحكومة الجديدة ونتقدّم من كل اللبنانيّين، مسيحيّين ومسلمين، بأطيب التهاني والتمنيات، طالبين من الرب أن يبارك المسؤولين بيننا ويُعيد إلى منطقتنا الشرق أوسطيّة الأمن والسلام".
كذلك تراس المطران بو جوده قداس احد العيد، في كاتدرائية مار مخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور بولس القطريب، والخوري سمون ديب، ومشاركة الخوري جوزيفغبش.