عتب كبير من اهالي العسكريين المخطوفين، وغياب تام لهذه المسألة الوطنية عن الاهتمام الحكومي في البيان الوزاري وفي جلسات الثقة في مجلس النواب. هذا باختصار ما يمكن الخروج به بعد الاطلاع على موقف اهالي العسكريين المخطوفين لدى "داعش" من جهة، وسماع ما قيل اليوم في اليوم الاول من جلسات الثقة في ساحة النجمة.
هذا المشهد، وان اختصر الجو العام، لم يختصر ألماً يرافق اهالي تسعة عسكريين تم اختطافهم في الثاني من آب من العام 2014. وهل من المعقول الا تَسَع 1500 كلمة في البيان لاحتضان ولو بضع كلمات تكون كفيلة باخماد الحريق في قلوب أهالٍ لم يعد لديهم سوى حفنة من الآمال يتمسكون بها؟
واللافت ان نواب الأمة، وفي مناقشة البيان الوزاري، لم ينتبهوا ايضاً الى هذه القضية الجوهرية، ولم يأت في خطاباتهم المبنية على "الكيد السياسي"، جمل صغيرة يطالبون فيها الحكومة بادراج بند العسكريين المخطوفين في البيان الوزاري.
أكثر من سنتين وأهالي العسكريين يعايشون مأساة كبيرة ويذوقون آلام انتظار المجهول. رغم استبشارهم خيراً عند تحرير 16 من العسكريين وعناصر الأمن الآخرين من قبضة "جبهة النصرة"، الا ان مراوحة الملف مكانه من قبل الدولة اللبنانية، أدى الى اطالة أمد أوجاعهم.
"لم أتأمّل يوماً من هذه الحكومات أو من هؤلاء السياسيين"، هكذا يعبّر حسين يوسف والد الجندي المخطوف في الجيش اللبناني محمد يوسف، عبر "النشرة"، عن أسفه من خلوّ البيان الوزاري أو حتى خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لأي عبارة تؤكد تمسّك الحكومة بقضية المخطوفين.
ويلفت يوسف إلى أن "العديد من النواب لاحظ قضية متطوعي الدفاع المدني التي نحترمها ونجلّها، لكن لماذا لم يلاحظ أحد قضيتنا؟"، شاكراً "رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام لذكره ملفنا وهو ممن ساعدنا كثيراً في ملفنا".
وإذ يؤكد يوسف "اننا سنجلس مع الحريري ونبحث معه قضيتنا"، يشير إلى أنه "من العار على أي حكومة أن لا تعطي هذا الملف أي اهتمام، وهذه القضية هي فخر لأي مسؤول يبحث فيها"، ومشددا على أن "من واجب كل الدولة أن تعمل لحل قضيتنا".
من جهته، يعتبر نظام مغيط شقيق المعاون المخطوف ابراهيم مغيط، عبر "النشرة"، أن "ما تحملناه في الحكومة السابقة سنتحمله اليوم خصوصاً وأن البيان الوزاري لم يذكر أخوتنا وأبناءنا"، معرباً عن أسفه من أن "العسكريين اليوم لم يخطفوا فقط من قبل داعش بل خطفوا من قبل الوطن أيضا".
ويستغرب مغيط عدم السعي لتشكيل خلية أزمة في الحكومة الجديدة لبحث هذه القضية، ويوضح "اننا كأهالي العسكريين نتشاور حالياً للبحث عن خطوات مستقبلية نعلن عنها بعد انتهاء المشاورات".
وعزت أوساط حكومية عبر "النشرة"، غياب أي جملة تتعلق بملف المخطوفين الى انه "لا وجود لأي معلومات واضحة حوله"، مشددة على ان هذا هو السبب الوحيد لعدم ذكره، ومؤكدة أن "هذا الملف وان لم يرد في البيان، فهو من أولويات الدولة وتحديداً جهاز الأمن العام المعني الأبرز في عملية التفاوض".
وفي سياق منفصل، يؤكد مغيط ويوسف "اننا لم نتلقَّ أي اتصال من أي جهة رسمية حول نتائج تحاليل الـ "DNA" للجثث التي وجدت في مغاوير القلمون". ويلفت يوسف الى أن "تناقل المعلومات بشكل خاطئ أدى إلى خلط الأمور، ولم تصدر النتائج حتى الآن نتيجة ظروف طبية"، معرباً عن أمله "في أن تصدر النتائج خلال 4 أو 5 أيام ونأمل ألا تكون مطابقة لفحوصات أبنائنا".
"لقد اخترنا لحكومتنا عنوان "استعادة الثقة" لأن الثقة هي أغلى ما يمكن أن يملكه بلدنا". هكذا اختار رئيس الحكومة سعد الحريري عنواناً أساسياً لحكومته. حكومة ينتظر الحريري منها اعادة ثقة المواطن اللبناني بدولته، فيما ينتظر الكثيرون اعطاء الثقة للحكومة عبر حملها لهمومهم ومشاكلهم وآلامهم، وفي مقدمها تحديد مصير عسكريين مخطوفين لاكثر من سنتين.