حسم الجيش السوري أمره في ريف دمشق الغربي المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية، واطلق عملية واسعة في بلدات وادي بردى بهدف الضغط على المجموعات المسلحة لاجراء تسوية تفرض عليهم تسليم السلاح واعادة مؤسسات الدولة الى المنطقة، مع السماح لمن يرفض التسوية الخروج الى إدلب لكن هذه المرة لم تكن المنطقة كسائر المناطق، اذ لحظة بدء العملية العسكريّة قطع المسلحون المياه عن العاصمة دمشق لتبدأ معها مرحلة عضّ الاصابع.
المنطقة عبارة عن تجمّع عدة قرى وبلدات تضم ثلاث عشرة قرية، عشرة منها لاتزال تحت سيطرة المسلحين منذ مطلع العام 2012، وهي تكتسب أهمية استراتيجية لوجود نبع عين الفيجة المصدر الأساسي للمياه في دمشق، وايضا لموقعها الاستراتيجي كنقطة وصل بين مدينتي الهامة وقدسيا شرقاً والزبداني ومضايا غرباً والقلمون ورنكوس شمالاً، ورغم اهميتها الاستراتيجية، لم تؤثر المنطقة على مجريات المعارك، اذ استمر الجيش في السيطرة على التلال والمرتفعات حول بلداتها، وسيطر مع حلفائه على بلدة افرة ليغلق الباب أمام أي محاولة للتحرك شمالا باتجاه القلمون.
عمليا المنطقة ساقطة عسكريًّا، اذ يتحكم الجيش السوري وحلفاءه بالمرتفعات المطلّة، لكن نقطة الضعف التي تكبل الجيش هو سيطرة المسلحين على نبع عين الفيجة ومحطة ضخ المياه الرئيسية له الذي ينقل عبر خط إمداد تحت الأرض نحو 65% من المياه إلى أحياء دمشق، حيث رفع المسلحون تهديدهم خلال الايام الماضية، بتفجير المحطة والأنابيب ووصلت بهم التهديدات الى التحذير من تفجير النبع الذي قد يؤثر على منسوب المياه.
عمليًّا وضعت قيادة العمليّات كل الاحتمالات والمخاطر من محاولات تفجير النبع الى قطع المياه وانتظرت حلول الشتاء لبدء المعركة، خصوصا وان هذه الورقة كان قد استخدمها المسلحون سابقًا، ونجحوا في وقف العمليات العسكريّة ضدهم ولذلك اتخذت السلطات المحلية عدة قرارات لرفد العاصمة بالمياه، اولا بالعمل منذ شهرين على تعميق وتنظيف 183 بئراً ارتوازياً في دمشق، وايصال خطوط كهربائية ومولدات لاستجرار المياه كما تم تأمين سحب المياه من منطقة السويداء وتحضير المئات من الصهاريج لنقلها الى خزانات العاصمة بحيث بدأت التغذية في دمشق تتحسن عن الايام السابقة، الا ان هذا الامر بحاجة لوقت لاعتياد السكان على التقنين الجديد اذ لم تشهد دمشق تقنينًا للمياه سابقًا.
اما في ما يتعلق بمحطة النبع، تشير المصادر الميدانية عبر "النشرة" ان أي محاولة لتفجير الانابيب او المحطة او النبع ستجر على المسلحين الويلات، وسيتم الرد بقسوة، مرجّحة الا يجرؤ هؤلاء على اعتماد هذا الخيار، لأنّهم سيكونوا من أول المتضررين، وإنّ أطنان المتفجرات قد تؤثر على أحد روافد النبع ليس اكثر.
حاليا التصعيد سيد الموقف، فالجيش السوري وحلفاؤه يستكملون العملية ويضغطون بقوة على المسلحين الرافضين للتسوية، وعينهم على منطقة مضايا والزبداني التي ستبقى محاصرة بمسلحيها حتى فك الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا، في وقت يشير المصدر الى أن المسلحون وإنْ امسكوا بورقة المياه، فالايام المقبلة ستثبت أنْ لا خيار لديهم سوى اجراء التسوية وخروج من يرفضها الى ادلب، أما سكان مدينة دمشق فسيكون مصيرهم الصبر على التقنين وانتظار خروج المسلحين من وادي بردى.