تخفيض تعرفة المكالمات الأرضية والخليوية في لبنان، تعتبر خطوة اساسية لأي وزير اتصالات جديد يتسلّم واحدة من أهم الوزارات الخدماتية في اي حكومة لبنانية. وفي استرجاع لأهم قرارات هؤلاء الوزراء في الماضي القريب، فقد خفّض وزير الاتصالات في العام 2009 جبران باسيل تعرفة الخليوي بنسبة 40% وكلفة دقيقة الاتصال بنسبة 16 في المئة. وفي العام 2010 خفّض الوزير شربل نحاس تعرفة الاتصالات الليلية بين 20 % و40 % على المشتركين بالخليوي عبر البطاقات المسبقة الدفع. أما في العام 2011 فقد أعلن الوزير نقولا صحناوي خفض تعرفة الإنترنت 80 في المئة وزيادة السرعة بين أربع وثماني مرات. ووزير الاتصالات الأسبق بطرس حرب خفّض كلفة المكالمات الأرضية والدولية بنسبة تتراوح بين 30% و50 %، و40% للاتصالات الخلوية، اضافة لخفض تكلفة الانترنت.
وفي تقرير لشركة ألفا، أجرى رئيس مجلس ادارة شركة ألفا ومديرها العام مروان الحايك مقارنة بين الاسعار المخفّضة الجديدة لشبكة ألفا وتلك المعتمدة في المنطقة العربية، فتبيّن أن المشتركين في باقة الـ1.5GB يتمتعون بأسعار أقل من المعدل العام في هذه المنطقة، كالسعودية والإمارات العربية، وربما فقط الاردن وعمان هما الاقل سعرا. أما المشترك ذات الاستهلاك المتوسط بين 5GB و10GB فسيتمتع بالأسعار نفسها المعتمدة في الأردن وقطر. أما ذوي الاستهلاك العالي فيتمتعون حالياً بأسعار منافسة جدا، وهي اقل من الامارات وقطر على سبيل المثال.
وبعيداً عن تكلفة الانترنت، لا تزال مشكلة الاتصالات في لبنان هي الفاتورة الشهريّة وشراء بطاقات مسبقة الدفع بشكل شهري وما يسمى "تشريج الأيام"، وهي طريقة بدائية موجودة فقط في لبنان. اذ ان اغلب دول العالم لا تحصل على بدل مادي مقابل الحصول على ايام الاستفادة من الخط. وهنا تكمن المشكلة الكبيرة.
وحسب آخر تقرير لجمعية حماية المستهلك، فإن "اللبناني اذا اراد الحصول على سلّة من الاتصالات من الإنترنت والخليوي والهاتف الثابت 24 ساعة يومياً يتكبد مبلغا يفوق 1500 دولار شهرياً، في حين أن السلة نفسها تقدمها فرنسا بتكلفة 26 دولاراً"، لافتة إلى أن "المواطن اللبناني لا يزال يدفع بدل اشتراك في خدمة الهاتف الخليوي تصل إلى 15 دولاراً، كما يدفع ستة دولارات عن كل فاتورة، بدل خدمات تعتبر مجانية في كل دول العالم".
ولتصبح خدمات الهاتف متساوية مع تلك الخدمات في البلدان الأخرى كباقة واحدة، وليس فقط الانترنت أو تكلفة الدقيقة، قرّر عدد من اللبنانيين القيام بحملة ضد هذه التكاليف التي اعتبروها مرتفعة جداً، ونظموا حملة تحت عنوان "رح سكّر خطي"، وهي من تنظيم حركة "الكفاح المهذّب". ودعت هذه الحملة اللبنانيين لاقفال خطوطهم في يوم 8-1-2017.
وفي حديث مع "النشرة"، يوضح مؤسس حركة "الكفاح المهذب" "اننا مجموعة من الشباب اللبنانيين المقيمين والمغتربين، ولمسنا الفرق بموضوع الاتصالات بين لبنان والدول الأخرى وولدت لدينا الفكرة بأن أول خطوة لمحاربة الفساد يجب أن تكون من قطاع الاتصالات"، لافتاً إلى أن "حركته هي حركة شبابية وطنية لا تحدها الطوائف وننتمي الى طائفة وحدة فقط هي الطائفة اللبنانية".
ويؤكد أن "الخطوة الأولى هي اطلاق حملة "رح سكر خطي" بوجه شركات الاتصالات لالغاء التشريج الشهري الاجباري وتخفيض التعرفة"، مشددا على "اننا اصلاحيين لا نريد الغاء شركتي الفا وتاتش بل اصلاح الواقع ومعاملتنا اسوة بالدول الاخرى، وأضعف الإيمان أن يكون التشريج سنويا وليس شهريا"، ويضيف "ان لم يتم الاستجابة لمطالبنا سيكون لنا خطوات لاحقة بهذا الخصوص وسنستمر حتى تحقيق المطالب".
ويرى أن "قضيتنا تمس كرامة كل المواطنين لذا نتمنى على الجميع التضامن معنا واقفال الخطوط في 8 كانون الثاني المقبل، فلو أن أموال الاتصالات تذهب لتسليح الجيش اللبناني أو لسدّ الدين العام كنا سنعضّ على الجرح"، لافتاً إلى أنه "يمكن للمواطنين وضع هواتفهم بحالة الـ“flight” ويتواصلون مع اصدقائهم عبر الـWIFI، وبالتالي يكونون قد انقطعوا عن شركات الاتصالات".
من جانبها، تؤكد مصادر شركات الهاتف الخلوي في لبنان، عبر "النشرة، أنها "ليست المسؤولة عن وضع سياسة التعرفات"، مشددة على ان "وزارة الاتصالات هي المسؤولة عن هذا الأمر".
في المحصلة، أطلقت مجموعة "سكّر خطك" صرخة بوجه اسعار الاتصالات المرتفعة والتي يعاني منها اللبنانيون، فهل يسمع وزير الاتصالات الجديد جمال الجرّاح لصرخة المواطن هذه، أم انها ستكون كصرخات باقي المواطنين التي لم تجد آذاناً صاغية لها؟