عندما ينشر "الاعلام الحربي المركزي" التابع لحزب الله على موقعه على تليغرام تصريحا للقيادي الكردي، عضو قوات سوريا الديمقراطية ريزان حدو، بعنوان: "هل تخسر دمشق بالسياسة ما لم تخسره بالحرب"، ينتقد فيه الاتفاق الأخير على وقف اطلاق النار في سوريا والذي برأيه مكّن تركيا من الحصول على ما عجزت عنه خلال 5 سنوات ونيّف من الحرب، يكون الحزب بشكل ولو غير مباشر يتبنى قسما كبيرا منه، خصوصًا وان الجو العام يشير تماما الى عدم حماسة اذا لم نقل امتعاض يطبع الموقف الايراني كما موقف حزب الله والنظام السوري والأكراد من التفاهم الذي فرضه الطرف الروسي بالتعاون والتنسيق مع أنقرة التي تبدو أكثر المرتاحين حاليا الى ما آلت اليه الأمور.
وان كانت مصادر مطلعة على أجواء حزب الله تنقل تفهمه للخطوة الروسية ومسعاه للخروج تدريجيا من الميدان السوري وهو في موقع المنتصر، تعيد التذكير بأن "ما يجمع موسكو بمحور سوريا–ايران-حزب الله ليس تحالفا استراتيجيا بل تفاهما ميدانيا فرضته مصالح هذه الأطراف مجتمعة"، لافتة الى انّه "حين قرر الرئيس السوري بشار الأسد في نيسان الماضي اجراء الانتخابات البرلمانية، عارضته موسكو بهذا الخيار، الا انّه وطهران أصرّا على السير به، فتلقفته روسيا بعد اتمام الاستحقاق النيابي". واضافت المصادر: "هذه الحادثة وغيرها الكثير تعطي صورة واضحة عن طبيعة العلاقة التي تربط الأطراف السابق ذكرها، ما يُفسر بشكل أو بآخر موافقة حلف ايران–سوريا–حزب الله مُكرها على اتفاق وقف اطلاق النار الأخير، علما انّه لا يزال مقتنعا أنّه لن يستمر طويلا".
أما امتعاض الحلف المذكور فينطلق من اقتناعه بقدرته على الحسم العسكري بعد استعادة مدينة حلب كاملة، واتمام استعداداته لمعركة الريف تحضيرا للهجوم على ادلب، ولعل أكثر ما يقلق هذا الحلف انّه لم ينجز بعد مهمّته باستعادة ما يُعرف بـ"سوريا المفيدة"، لا سيّما وأن ما ورد في احد بنود الاتفاق لجهة تثبيت تواجد الأطراف في المناطق التي سيطروا عليها قبل توقيعه، يؤسس لعملية تقسيم مريبة لا شك لا تطمئن النظام السوري وحلفائه.
ولعل أكثر ما يثير الاستغراب، استبعاد الطرف الكردي من هذا الاتفاق كما من المفاوضات المرتقبة في الآستانة، علما ان الأكراد باتوا عمليا يسيطرون على القسم الأكبر من الحدود السورية–التركية وعلى نسبة تتخطى الـ15% من مجمل مساحة سوريا. وفي هذا السياق، تسأل المصادر: "أي مفاوضات سياسيّة هذه تستثني المكوّن الكردي الذي أثبت أنّه الطرف الأقوى في الميدان، وهو ما جعل واشنطن تعتمده ذراعا عسكريًّا لها؟ من هذا الذي يعتقد أنّه قادر على الخروج بحل جدّي وحقيقي للأزمة السورية وقابل للتطبيق وهو يعزل قوات سوريا الديمقراطية والحزب الديمقراطي الكردي الذي يوشك على اعلان دولة كرديّة شمال سوريا بعد تمكنه من تأمين مقومات الدولة وانجازه أخيرا دستورا لها"!.
بالمحصلة، لا شك أن اتفاق وقف اطلاق النار الساري المفعول حتى الساعة والذي فرضته موسكو على الأفرقاء كافّة، سواء حلفائها أو أعدائها، هو الأكثر جدّية منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، الا أن عدم اقتناع من هو فاعلٌ على الارض لجهة النظام السوري وايران وحزب الله يجعله هشًّا... فكيف اذا كانت المرحلة التمهيدية التي يمرّ بها تغلي على نيران الأزمة المستجدّة بين موسكو وواشنطن!