بالأمس طُعنَ الإرهاب قلبَ لبنان بحربَةٍ، فسالَت منه على الأثر دماء الياس وريتا وهيكل، وعشرات الجَرحى الذين سَقطوا على أرض المعركة الحقيقيّة حيثُ يتواجَه التطوّر والتكفير، ثقافة الحياة وثقافة الموت، حضارة المحبّة وحضارة الحقد، السلام والعنف.
وقلب لبنان هُم شبابه النابض بالحياة، الراقص على نغمات الحبّ، والمنتشي نشوة الفرح بالحياة، لا من الخمرِ والعربَدة كما سوَغت لنفسها بعض الأقلام الساقطة والحناجر الفاجرة، المنتشية من تعاليم فاسِدة ومن مُعلّمين مُفسدين يخافون المُختلِف ويُرَبّون على العدائيّة، بل من خمرة محبّة الحياة التي لا تُعيقُها حواجِز ولا يُخيفها تهديد ولا راياتٍ سوداء ولا تعاليم فاسِدة، لا مكان لها حتى في مستوعبات القمامة.
ويَطعَن الإرهاب لأنّه خائِفٌ وقَلِقٌ على الدوام؛ خائفٌمن الفرح. نعم، إنّه إرهابٌ يخشى الفرح، يخشى الحياة، يخشى الحُبّ، يخشى الكلمة والصورة، يخشى اللحن والأُغنيَة، يخشى العِناق الطّاهر، يخشى النظرات الصّافية،يخشى الحركة، يخشى المختلف، يخشى الثقافة والعلم،يخشى الفكر والتطوّر، يخشى الإنسان، ولكنه لا يخشى الله. وكان يجدر به أن يخشى الله لكي لا يخشى الباقي.
وجهادنا المقدّس،الذي لَن يثنينا أحد عن القيام به، هو مع هذا الإرهاب الذي لا يفقه لغة الحبّ ولا يَعقَلُ لُغة الحياة، ويفتك بوبائه القاتل كلّ مَن يؤمن بثقافة لا تُشبِهه، ويرقصُ على وقع أنغامها الجميلة، وقد تحوَّل من الخاصّ إلى العامّ بسرعةٍ قياسيّة. فنحنُ لن نقفَ مكتوفي الأيدي، ولن نسأمَ من المواجهة. بل سنواجه الإرهاب بكلِّ ما أوتينا من إيمانٍوقيَمٍ:بسخاء البسماتوصيحات الفرح. بباقات الورود وأكاليل الزهور التي سنُزيِّنُ بِها رؤوس النجباء.بالرقص على أنغام الموسيقى الجميلة. بلقاء الآخر واحترامه وبقبول المختلف، حتى ولو سالت دماء الشُهداء، نعم الشهداء؛ فحقل المعركة الحقيقي ليس حيثُ النزاع المُسَلَّح وحسب، بل حيثُ تتواجه ثقافة الحياة بثقافة الموت، وحضارة المحبّة بحضارة العنف. أوليست شهادةً أن يَقضي الإنسان في سبيل ثقافة الحياة وحضارة المحبّة؟!.