يتعرّض مطار بيروت الدولي للكثير من الانتقادات في الآونة الأخيرة، خصوصاً لجهة الحماية الأمنيّة له. حوادث عديدة جرت فيه أدت لاهتزاز الثقة الدولية في فترة من الفترات بهذا المطار الوحيد الموجود في لبنان، ما أوصل السياسيين فيه لإعلان "النفير" لانقاذ هذا المرفق الحيوي والأساسي بالحياة اللبنانية.
وبعيداً عن المخاطر الأمنيّة التي يعاني منها المطار لجهة الافتقار لوسائل التفتيش الحديثة، كان لأزمة النفايات التي يشهدها لبنان منذ أكثر من عام ونصف العام وقعها وتأثيرها على المطار، وخصوصاً بعد أن حضرت أسراب طيور النورس فوق مطمر الكوستابرافا والتي باتت تهدد سلامة الطيران المغادر والقادم نحو بيروت.
ويؤكد المحامي حسن بزّي، والذي قدّم بلاغاً لقاضي الأمور المستعجلة في بعبدا حسن حمدان لاقفال مطمر الكوستابرافا لما لها من آثار سلبية على سلامة الطيران، أن "هذا المطمر يخالف اتفاقية برشلونة التي تمنع اقامة المطامر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ولبنان قد وقّع عليها، ويخالف قانون النظافة العامة الصادر عام 1974، كما أنه يخالف الاتفاقية الدولية للطيران المدني والتي تمنع من اقامة المطامر بالقرب من المطارات، ومخالفة هذه الاتفاقيات الدولية توازي مخالفة الدساتير والقوانين".
ويشدد بزّي على أن "خطورة وجود المطمر بجانب المطار تكمن في انها تستقطب الطيور بسبب عصارة النفايات التي يفرزها، والنورس يعتبر من الطيور الخطرة على سلامة الطائرات لأنها لا تهرب من الطائرة، وقد تدخل في احدى محركاتها"، لافتاً إلى أنها "تتواجد بالقرب من المدرج 21 في المطار".
وتظهر الصور المرفقة الانتشار الكثيف لهذه الطيور فوق الشاطئ المحاذي لمطار بيروت وليس فوق مصب نهر الغدير كما يشاع، وهذه الأعداد الهائلة تؤكد أن الخطر موجود على الطائرات.
وفي السياق عينه، كان نقيب الطيارين اللبنانيين الكابتن أنطون أبي خليل قد قدّم كتاباً لمصلحة سلامة الطيران في المديرية العامة للطيران المدني بوزارة الأشغال العامة والنقل، شرح فيها مخاطر وجود مكبّ للنفايات في المنطقة المجاورة للكوستا برافا وقرب مطار بيروت الدولي على سلامة الملاحة الجوية. مؤكّدا أن مثل هذا العمل يؤدي الى استقطاب عدد هائل من الحيوانات البرية والجوية، لا سيما الطيور التي تشكل خطراً مميتاً على سلامة الملاحة الجوية بفعل اصطدامها بالطائرات وتحديداً بمحركاتها وهو أمر تم اثباته تبعاً لحوادث عديدة حصلت حول العالم.
وبناء على هذا الكتاب، طلب أبي خليل اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة على الجهات المعنية لوضع حد لأي خطة عمل تهدف الى تشغيل هذا المكب، حرصاً على سلامة الملاحة الجوية وتالياً سلامة المسافرين بشكل عام وتطبيقاً للقواعد المرعية الاجراء.
ويشير بزي بدوره إلى أن خطورة وجود المطمر لا تكمن فقط في تواجد الطيور والحيوانات، بل أيضا بغاز الميثان الذي تنتجه النفايات والتي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة في المنطقة المحيطة بالمطار، ما يؤثر على حرارة محركات الطائرات وبالتالي على سلامة الرحلات الجوية، محذراً من أن "المكب يشكل قنبلة موقوتة".
ويوضح بزّي أن تاريخ اصدار القرار من قاضي الأمور المستعجلة سيكون في 24-1-2017، ويضيف "ننتظر رد وزارات البيئة والصحة والزراعة ومدير عام الطيران المدني حول الأثر البيئي لهذا المطمر، وأي وزير أو مسؤول يقوم بالتلاعب بأي من التقارير سيتحمّل هو مسؤولية أي أذى يتعرض له المطار خصوصاً وأن لدينا تقارير تؤكد خطورة وجود المطمر، وبالتالي يجب اقفال المكب".
وفي انتظار قرار قاضي الأمور المستعجلة، سيبقى مطار بيروت الدولي مهدداً من مكبّ الكوستا والحيوانات التي استقطبها. فهل ينجو من كارثة حقيقية؟ أم أن الألعاب السياسية ستكون أقوى من الحقائق العلمية؟