نفذت مملكة البحرين فجر الأحد حكم الإعدام بثلاثة شبان، حيث صرح رئيس نيابة الجرائم الارهابية المحامي العام احمد الحمادي انه "تم صباح اليوم تنفيذ حكم الإعدام في المحكوم عليهم الثلاثة المدانين في القضية الخاصة باستهداف قوات الشرطة لمنطقة الديه في الثالث من آذار عام 2014 بعبوة متفجّرة نجم عنه مقتل 3 من الشرطة". وهذا هو حكم الإعدام الاول في البحرين منذ اكثر من عشر سنوات، الّذي يأتي في ظل توتر ومواجهات بين المعارضة والسلطة منذ قرابة عامين أدّت الى استدعاء الحكم في المنامة لقوات سعوديّة وخليجيّة لمساندة القوى الأمنية في مواجهة الاضطرابات في البحرين.
في هذا السياق، رأت مصادر دبلوماسية عربيّة ان تنفيذ احكام الإعدام وفي ظل الاشتباك السياسي الخليجي-الإيراني هو تصعيد ترتبط تداعياته مرتبطة بأمور عدّة. واعتبرت أنه في حال جاء الاعدام غير منسّقٍ مع دول الخليج الداعمة للنظام وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، فمن الصعب على الملك حمد بن عيسى آل خليفة ان يواجه تداعيات هذا الحدث داخليا وخليجيا وعربيا ودوليا بمفرده، دون ان يتحمّل مسؤولية هذه الخطوة سواء على الصعيد الأمني او على الصعيد السياسي، وهناك نماذج في السابق من غياب التنسيق البحريني-السعودي في ما يتعلق باجراءات اتّخذتها البحرين ضد المعارضة ذات الغالبيّة الشيعيّة.
ورأت المصادر نفسها انه اذا كان هناك تنسيق بين البحرين والسعودية في هذا السياق، فهذا يعني ان دول الخليج بشكل عام، باسثناء سلطنة عمان، تكون قد قررت مواجهة طهران، بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وخصوصًا في البحرين حيث تدعم المعارضة بمواجهة النظام الملكي.
وتكشف المصادر الدبلوماسيّة، ان الاحتمالات العملية لهذا التصعيد البحريني يمكن أن يؤدّي الى:
1-حلول سياسيّة للمواجهات الحاصلة بين المعارضة والنظام، والتي تمر بمراحل انفراج لا تلبث ان تعود الى أجواء التوتّر الّتي تتجدد منذ العام 1980، كما حصل في انتفاضات سابقة للشيعة، اذا ما تمكنت طهران من تأمين بعض المطالَب لجمهور المعارضة تتراوح حدا أقصى بين اطلاق سراح جميع المعتقلين، واشراك الجمعيات المعارضة المعتدلة وبشكل فعال في الحكم في البحرين كحدٍّ أدنى، على غرار ما جرى عند استلام الملك حمد زمام السلطة في العام 2002 بعد وفاة والده الشيخ عيسى بن حمد آل خليفة، حيث عقد مصالحة مع المعارضة وافرج عن المعتقلين وعيّن السيد مجيد العلوي وزيرا وهو كان من أشد المعارضين للنظام ومقيما في بريطانيا، وسمح لابن الشيخ عبدالامير الجمري الذي كان رأس حربة في المعارضة آنذاك بالعودة الى البحرين وترؤس تحرير جريدة حيث لا يزال في هذا المنصب حتى اليوم، كما جرى إقرار الميثاق الوطني، والتعديلات الدستورية الّتي تم بموجبها انشاء مجلس شورى يعيّن أعضاءه الملك ومجلس نواب منتخب من الشعب، اذافة الى أنه سماح للشيخ عيسى قاسم العودة الى البلاد من طهران.
والتقى في حينه علماء البحرين الشيعة مع زعماء الجمعيات السياسية في قصر الملك حمد وصدر اثر هذا الاجتماع بيان من المعارضين أشادوا فيه بالخطوات الملكيّة نحو الديمقراطية.
2-إذا قرّرت طهران الردّ على احكام الإعدام بخطوات تصعيدية، فستنعكس المواجهة على صعيد المنطقة وليس في البحرين فقط، وستكون تداعياتها قاسية جدا على الجميع.
ولم تستثن المصادر ردّة فعل العالم الغربي ولا سيّما الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركيّة، من أن يكون لها دور كبير في لجم أي تداعيات سلبية على عملية الإعدام، وممارسة ضغوط على ملك البحرين لتقديم تنازلات لصالح المعارضة بهدف المحافظة على الاستقرار الامني والسياسي لدول الخليج.
وكانت البحرين في العام 1981 وبعد نجاح الثورة الإسلامية في ايران، أعلنت عن اكتشاف تنظيم إسلامي سري من 83 شخصا يطلق عليه الجبهة الاسلامية لتحرير البحرين يهدف لقلب نظام الحكم في البلاد وتحويلها الى دولة إسلاميّة بدعم من طهران التي نفت علمها بذلك، إذ نقل في حينه عن الزعيم الديني الراحل آية الله الخميني تساؤله "كيف يمكن لعمل عسكري هكذا ان يتم دون علمي"، ولذلك فقد أمر بتوقيف سفينة حربية إيرانية كانت تعتزم التوجه الى البحرين فيما يبدو انه إسناد مباشر لتلك العملية.
وفُسِّر كلام الخميني على أنه دليل على مدى الاختراق الذي حققته بعض التنظيمات السياسية للأجهزة الأمنية الإيرانية، الامر الذي لا ينطبق على الوضع الحالي في طهران حيث يسيطر النظام على الاوضاع بشكل كامل، بالتوجّهات والسياسة.