ينسحب موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبان ترشحه الى رئاسة الجمهورية على موقفه حالياً من ضرورة تعديل قانون الإنتخاب وتقديم صيغة أفضل تشكل عدالةً وتعكس صحة التمثيل بين المناطق والطوائف القوى السياسية.
فتمسك عون ببقائه مرشحاً وعدم إستسلامه امام رافضيه للإنسحاب من مواجهة رئاسية رغم كل ما أحاط بمرحلة الفراغ من تداعيات، خلص يومها الى عقده عدة تفاهمات على قاعدة أنه مرشح متقدم للدخول الى قصر بعبدا، ثم قضي الأمر بإنتخابه رئيساً للجمهورية مترجماً بذلك طموحا دام 27 عاماً.
ولذلك فإن اوساطا مراقبة لموقف عون و طرحه الإنتخابي تجزم بأنه لن يتراجع حالياً عن ضرورة إنجاز قانون جديد للإنتخابات من روحية ما كان أعلنه حول صيغته في خطابه امام السلك الدبلوماسي في بعبدا، اذ أتى إعلان عون عن تصوره لقانون الإنتخاب ليجعله ملتزماً تجاه ذاته وتجاه الآخرين للسعي لإنتاج هكذا صيغة، ولذلك فإنه يرفض وضعه أمام خيارين يحملان مرارة أكثر من بعضهما ويسجلا نقاط سوداء على عهده، بتحميله كرتي نار. أما إجراء الإنتخابات على ضوء القانون الحالي الذي يرفضه وقبله في إتفاق الدوحة لمرة واحدة وأخيرة كما اعلن مؤخراً رئيس التيار الوطني الحر الوزير حبران باسيل ، ام اعادة التمديد للمجلس النيابي الذي إنتخب في العام 2009، بعد التمديد له مرتين حتى حينه.
وعلى ضوئه لن يكون في موقع الدفاع او الإستسلام بحسب الاوساط، وهو سيرفض التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وما يرافقه من ملحقات وتفاصيل لإجراء الإنتخابات وفق قانون الستين، كما أن وزراءه ووزراء ونواب تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سيرفضون التمديد كل من موقعه لقانون الستين، مع ما تحمل هذه الخطوة من تداعيات على الميثاقية وصيغة العيش بين اللبنانيين. فمرسوم دعوة الهيئات الناخبة هو دستورياً يصنف قانوناً عادياً ويتطلب تواقيع كل من رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ووزير الداخلية المعني في إجراء هذا الإستحقاق النيابي، وهو ما يمكن عون ان يرفض إعتماد هذا القانون من موقعه الدستوري منعاً لإستمرار الغبن وقطعاً للطريق على عودة قوى سياسية بأحجام لا تتلائم مع واقعها.
وفي منطق الاوساط بأن التلاعب مع عون او تجاوزه كما حصل مع رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود لا يمكن أن يأخذ طريقه إذا ما تجرأ «أحدهم» او «بعضهم»، فالتحديات معه بالسابق باءت بالفشل ودلّت على أن منطق التفاهمات المتوازنة هي التي أعطت النتيجة الملائمة على ما بدا من خلال عهد عون الذي شهد إنتخابه وتشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري إحتوت معظم القوى السياسية.
من هنا فإن أمام القوى السياسية حسب الاوساط المراقبة لموقف عون، خياران، إما التوصل لإجراء قانون إنتخابي من روحية مضمون «خطاب عون الدبلوماسي»، بحيث يكون إرجاء إجراء الإنتخابات تقنياً، وإبقاء مدة ولاية مجلس النواب حتى أنجاز الاستحقاق لاحقا وفق القانون الجديد ضمن العام 2017، وبصورة أوضح يتابع المراقبون بأن التمديد يكون معللاً بمهلة إجراء الإنتخابات او إنتهاء ولاية مدة المجلس دون التمديد مجدداً، بحيث عندها يحل حكماً مجلس النواب وتعتبر الحكومة مستقيلة ليصبح عندها النظام اللبناني في شلل ما عدا رئاسة الجمهورية ليبقى عون الناظم والمرجع الوحيد للدولة التي دخلت مرحلة النظام الرئاسي مع ما تحمل هذه الخطوة من طروحات وأفكار لنظام جديد.
وتابعت الأوساط بأن كلام كل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وما تبع ذلك من مواقف لكتلة الوفاء للمقاومة، وكذلك تصريح باسيل بعد إجتماع تكتله حول المطالبة بقانون نسبي بدأ يوفر أرضية خصبة تتكامل مع غير قوى تريد قانوناً إنتخابياً جديداً، بحيث إن الإقتراب من موقفي نصر الله وباسيل في ظل كلام عون يشكل أرضية للتقدم نحو القانون الجديد، لاسيما أن تيار المستقبل، وحزبي القوات اللبنانية والكتائب واللقاء الديموقراطي يطالبون بقانون جديد، ثم عاد النائب وليد جنبلاط وتراجع بوضوح لصالح بقاء القانون الحالي بعد ان كان توافق مع الحريري والدكتور سمير جعجع على قانون مختلط
إستناداً الى هذا المشهد يجد المراقبون ان كل القوى تدور في فلك موقف رئيس الجمهورية ما عدا جنبلاط وهواجسه الديموغرافية، مما يعني أن البلاد حالياً إمام خطوات للإنتقال من القانون الحالي نحو قانون جديد تجري من خلاله الإنتخابات النيابية المقبلة.