خمسة واربعون عاما والمجلس الشيعي بلا انتخابات لهيئتية الشرعية والتنفيذية، ولا يجرؤ نواب الشيعة وتحديدا في حزب الله وحركة امل للدعوة الى انتخابات، الطرفان يشكلان مصدر التمديد الذي اقر اليوم (الخميس) من خارج جدول اعمال الجلسة التشريعية. هذه الخطوة غير المبررة تنم عن سلوك لا يولي للقوانين ولا للانتخابات اي اهتمام فلماذا هذا السلوك؟
في خطوة غير مبررة وتثير الشكوك بالثنائية الشيعية وبرئاسة المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الفاقدة للشرعية القانونية، عمد نواب الثنائية الشيعية الى تقديم اقتراح من خارج جدول اعمال الجلسة التشريعية للتمديد للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، وفيما اقر مجلس النواب هذا الاقتراح باعتباره يخصّ الطائفة الشيعية واغلبية نواب الشيعة موافقون على اقراره.
الخطوة فجّة وفاجرة فالمجلس الشيعي كما هو في قانون تأسيسه من ضمن مؤسسات الدولة اللبنانية، ويتقاضى رئيسه وبقية العاملين فيه رواتب وتعويضات من الخزينة العامة، وهو لذلك لا يمكن ان يكون لعبة بيد بعض السياسيين. لم تجر انتخابات لهيئتيه الشرعية والمدنية منذ العام 1975 اي منذ 42 عاما، علما ان الانتخابات يجب ان تتم كل ست سنوات.
الخطوة فيها من الفجور والاستباحة واكثر، فان يتم تجاوز القانون بالتمديد من دون مبرر لا سيما اننا اليوم بين انتخابات بلدية جرت قبل اشهر وانتخابات نيابية ستجري بعد اشهر، فما الذي يحول دون اجراء انتخابات في المجلس الشيعي، ولماذا تصر ثنائية بري-نصرالله على عدم اجراء الانتخابات، هل هو خوف مما ستظهره نتائج الانتخابات، هل لأنها ستكشف عن خيارات داخل الطائفة الشيعية خارج سيطرة امل او حزب الله؟ هل لان انتخابات المجلس الشيعي ستفتح افاقا امام تنظيم شؤون الاوقاف المتقاسمة اليوم لحسابات سياسية وشخصية وحزبية؟ هل لأن الدعوة للانتخابات التي تشكل قاعدة الناخبين فيها ما يتجاوز ال40 الف ناخب من النخب المهنية والتعليمية والجمعيات يمكن ان تكون الانتخابات فرصة لتفاعل فيما بينها؟
هل يعلم ابناء الطائفة الشيعية وسواهم ان المجلس الشيعي اليوم لا يعقد اي اجتماعات لهيئتيه الشرعية والتنفيذية من دون مسوغ؟ هل يعلم هؤلاء انه ليس في لبنان مكان يمكن ان يجمع وجوه الطائفة الشيعية المتنوعة؟ الوقاحة تجاوزت كل الحدود في التمديد للمجلس الشيعي اليوم، فنصرالله وبري صاحبا هذا القرار لا يعنيهما ان تستعيد مؤسسة المجلس الشيعي دورها الجامع بل يصران على بقائها مؤسسة ضعيفة غير فاعلة ولا منتجة، اما المغانم فيمكن تقاسمها كما يرتئيان ويشتهيان من دون حسيب ولا رقيب مادام مجلس النواب جاهز لاصدرار قوانين تشرع ما لا يجوز تشريعه.
يبقى ان نقول ازاء هذا التمديد الهمايوني، ومع توقف المجلس الشيعي مرغما عن الاجتماعات الدورية، ومع تقاسم حزب الله وامل منافعه ومواقع القرار فيه، نقترح تعديل اسم المجلس الشيعي وتحويله الى هيئة مشتركة تحت اسم مجلس امل وحزب الله. اما ان يبقى هذا المجلس خارج اي احترام لقوانينه، لا سيما في عدم اجراء الانتخابات الدورية بلا مبرر، وعدم اجراء اي محاسبة واجبة من خلال هذه الانتخابات وغيرها، فهذا فيه استهانة بكل شيعي لبناني طالما ان هذه المؤسسة تدّعي تمثيله في شؤون معينة بحسب قانون تأسيسها وبتمويل من الخزينة العامة في لبنان.