محاولة جديدة من النظام البحريني لتصعيد الموقف بعد إعدام الشبان الثلاثة. يميل النظام إلى العجرفة والنزق في التعامل مع المطالب الشعبية كلّها منذ أكثر من خمس سنوات. لم يأبه لكلّ المناشدات والاحتجاجات التي طالبته بالتعقل والابتعاد عن العنف، لكن يبدو أنّ المملكة السعودية فوّضته بممارسة الجنون وعدم التفاهم مع القوى المعارضة.
ويا لهذه المهمة التي وُكلّت لهذا النظام الذي لا يقرأ ضخامة فضيحته من هذه الممارسات التعسّفية. الشعب البحريني الذي لم تتداعَ له أنظمة عربية وجامعة عربية ولم تنعقد جلسات في مجلس الأمن من أجل تثبيت بعض حقوقه المشروعة، كما حدث مع شعوب أخرى استُنفرت لها الإمكانات العسكرية والسياسية والإعلامية كلّها، أصبح على يقين بأنّ استمراره بالصمت واللغة السلمية سيجعله يعيش بشكل أسوأ.
ليس هذا الكلام من باب التحريض، فالشعب البحريني وقياداته أوْلى مَن يتخذ القرار الصائب في مواجهة المحنة التي يعيشها، ولكن من باب توصيف الواقع الذي بلغ حداً لا يمكن معه الاستمرار بالسكوت على الطغمة الحاكمة حتى لو لم يتحرك أحد في هذا العالم لمناصرة الشعب البحريني والتضامن مع مظلوميته.
هذا الكلام ينطبق على حال الشعب الفلسطيني الذي لا يمكن له أيضاً أن يسكت إزاء الجرائم الصهيونية حتى لو لم يقف معه أحد في هذا العالم. فعندما يتهدّد الإنسان بوجوده ودينه وحريته وكرامته فلا بدّ أن ينهض وأن يقول لا للظلم.
صحيح أنّ المسؤولية تطال الدول الإسلامية والعربية كلّها على وجه التحديد، ولكن متى رأينا بلداً، إسلامياً سوى إيران وبلداً عربياً مثل سورية، يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ويقدّم ما يجب في هذا المجال لرفع قيود الاحتلال عنه. وأيضاً في ما يتعلق بالشعب البحريني فلا نجد مَن يرفع الصوت، ويندّد بالمجازر والارتكابات الشنيعة سوى إيران وبعض الدول الأخرى التي لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة.
فلماذا هذا الصمت الإسلامي والعربي؟ لماذا تبقى فلسطين بعيدة عن أكثر من مليار مسلم لا نعرف لهم قيمة ووزناً إلا أنهم أرقام؟
ولماذا هذا الصمت لما يتعرّض له الشعب اليمني والشعب البحريني والشعب العراقي والسوري إزاء الجرائم الكبرى التي يقوم بها نظام غربي إمبريالي أو أنظمة تابعة له؟
إنّ الموقف اليوم في البحرين يدخل دائرة الخطر والنظام الملكي الأرعن يلعب بالنار. وعندما تتحرك الشعوب فإنّ إله القوة السعودي أو البريطاني أو الأميركي سيتكسّر. المستقبل للشعب البحريني وإنْ كانت الطريق معبّدة بالتضحيات والدماء.