أعوام من البلبلة خلقها قانون الإيجارات، فالعلاقة بين المالك والمستأجر مرّت بأسوأ مرحلة لها في العامين الماضيين، ولم يستطع القضاء أن يلعب دور الحكم بسبب انقسام القضاة بين تطبيق القانون أو عدم الاعتراف به بعد تجميد عدد من المواد. بالأمس أقر مجلس النواب قانون الإيجارات معدلا بحيث أصبح تنفيذه معلّقا بإنشاء "صندوق مساعدات المستأجرين".
عدلت لجنة الادارة والعدل مشروع القانون الذي تقدّم به عضو تكتل التغيير والاصلاح زياد أسود، واقرته الهيئة العامة للمجلس بحيث عُلّق تطبيق مواده المتصلة بصندوق المساعدات وتقديماته والمراجعات القضائية في الأساس والتنفيذ أو الأحكام التي صدرت والتي تحدّد بدل الإيجار أو الإخلاء الى حين دخوله حيّز التنفيذ، خلافًا لأي نصّ آخر، أي حتى ينشأ صندوق المساعدات ويتم تامين امواله. أما أبرز التعديلات فهي: ابقاء قرارات اللجنة قابلة للطعن، خفض بدل المثل من 5 الى 4 بالمئة، رفع سقف المستفيدين من الصندوق الى خمسة أضعاف الحد الادنى للأجور من دخل الأسرة، حق المستأجر في البقاء لمدة 12 عاما بالنسبة للمستفيدين من الصندوق و9 اعوام للباقين، واخيرا تمديد فترة الفراغ القانوني من 31 كانون الأول 2012 الى 28 كانون الاول 2014.
وفي هذا السياق أوضح رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله "أنّ التعديلات جاءت لمصلحة المستأجرين، إنْ لجهة التمديد لفترة 12 سنة لذوي الدخل المحدود منهم، أو لجهة توسيع مروحة المستفيدين من الحساب المالي إلى حدود مَن يبلغ مدخولهم خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور، أو لجهة تخفيض بدل المثل إلى حدود 4 بالمئة من قيمة المأجور". ويأسف رزق الله في حديث لـ"النشرة"، من موجة التضليل التي يقودها البعض، وتؤدي الى تخويف المستأجرين لتحريضهم ضدّ المالكين، في حين أنّ المالك هو المظلوم وهو الذي سيتحمّل نتائج تمديد إقامة المستأجرين حتى العام 2026 لتتراكم بذلك خسائره المادية. ونصح رزق الله المستأجرين بالاطّلاع على تفاصيل القانون وتحضير المستندات لتقديم الطلبات كي تنظر اللجنة في مدى استفادتهم منه كي يضمنوا التمديد القانوني 12 سنة في المأجور، وبذلك تكون قد تحقّقت نيّة المشترع في حماية ذوي الدخل المحدود من المستأجرين".
وإذ يعتبر المالكون أن القانون جاء لمصلحة المستأجرين، يرى المستأجرون أن القانون بحاجة الى تعديلات اضافية كي يمنع تهجير الالاف من اللبنانيين، وفي هذا الإطار تناشد المحامية مايا جعارة بردويل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المؤتمن على مصلحة المواطن، ان يعيد القانون الى مجلس النواب لمزيد من الدرس لاقرار التعديلات المقترحة من قبل المستأجرين، والتي لا تمس الملكية الفردية بل تمنع الاخلاء الفوري لعدد هائل من المواطنين وتحصن بقاءهم بالمأجور طيلة فترة التمديد المعطاة لهم، طالبة من الرئيس تحديد موعد للقاء لجان المستأجرين وتجمع المحامين لاطلاعه على التعديلات الملحة المطلوبة ليتمكن بعدها من اتخاذ القرار المناسب. ومن التعديلات التي تراها بردويل ضرورية، اولا الغاء فكرة التناقص لتعويض الإخلاء، فالتعويض يتناقص كل عام أي ان المبلغ سيصبح زهيدا للغاية بعد بضعة اعوام. وتضيف: "نطلب أيضا مساواة الأماكن المعتبرة فخمة لناحية التعويض، وعدم تحميل المستأجر قيمة الاصلاحات الكبرى (من تجهيز للبناء وتغيير مظهره الخارجي وغيرها) والاكتفاء كما في السابق بالاصلاحات الصغرى".
تعهّد رئيس الحكومة سعد الحريري بإنشاء صندوق المساعدات للمستأجرين خلال اربعة أشهر، مع العلم أن تنفيذ القانون يكون مع انشاء الصندوق الذي يتحمّل دفع الإيجار بشكل كامل عن المستأجرين الذين يبلغ مدخولهم الشهري أقل من ثلاثة أضعاف الحد الادنى للأجور (1350 دولار) على أن تحسب مداخيل جميع أفراد الأسرة، وهذا الأمر تراه بردويل ظلما اذ يجب احتساب مداخيل الأب والام فقط، لأنه لا يمكن تحميل الأبناء هذا الكم الهائل من المسؤولية لأنهم يعملون بهدف تأسيس مستقبل مشرف لهم. كذلك يتحمل الصندوق دفع الايجار بشكل جزئي عن المستأجرين الذين يبلغ مدخولهم الأسري أقل من خمسة أضعاف الحد الادنى للاجور (2250 دولار) بحيث يدفع المستأجر 20 بالمئة من دخله شهريا. بالمقابل بقيت بدلات الإيجار تصاعدية بحيث تكون في العام الاول 15 بالمئة من 4 بالمئة من القيمة التأجيرية سنويا، ثم 30 بالمئة في العام الثاني، ثم 45 بالمئة بالثالث ثم 60 بالمئة بالرابع، ثم 80 بالمئة في الخامس، ثم 100 بالمئة للأعوام المتبقية سواء إن كانت 9 ام 12.
لا يبدو ان التعديلات التي طرأت على قانون الإيجارات ستكون خاتمة سعيدة للمالكين والمستأجرين على حد سواء، فالامور متجهة للتصعيد، ولكن بعد أن تنجز الدولة الشق الصعب المتعلق بها لناحية إنشاء الصندوق وتمويله.