اقترب موعد الانتخابات النيابية في لبنان، ولم تتمكن القوى السياسية بعد من الوصول إلى قانون انتخابي جديد يكون بديلاً عن القانون الأكثري الموجود حالياً. ومع ضيق المهل القانونية بات من الضروري التوصل إلى قانون جديد، تنفيذاً لرغبات غالبية القوى السياسية التي أعلنت رفضها لقانون الستين.
أمام هذا الوقع، قرّرت مجموعة من الناشطين السياسيين والنقابيين ومجموعات الحراك المدني والمنظمات غير الحكومية اطلاق تحالف جديد تحت مسمّى "برلمان لكل البلد" لتشكيل حالة ضغط شعبيّة لتغيير النظام الانتخابي الحالي، وإقرار الإصلاحات الانتخابية التي تضمن عدالة التمثيل وتأمين عملية انتخابية نزيهة وشفّافة. ويضم هذا التحرّك حالياً 41 جمعية ومؤسسة تقريباً.
ويوضح عضو الهيئة الادارية في جمعية "لادي" (الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات) واستاذ القانون بجامعة بيروت العربية علي مراد في حديث مع "النشرة"، أن "لادي بادرت لتأسيس الحملة بهدف توسيع المشاركة لأكبر شريحة ممكنة من الناس في الحراك، لدينا شركاء أساسيين ممّن كنّا سويّة في الحراك المدني لمواجهة أزمة النفايات وضد التمديد لمجلس النواب، واليوم هذا الحراك مفتوح للجميع واي فريق سياسي أيضاً يوافق على ما نطرحه يمكن ان يكون شريكاً لنا في الحملة".
ويؤكد مراد أن "الحملة لم تتبنَّ النسبية ومقاربتنا للموضوع مختلفة عن مقاربة الافرقاء السياسيين لأن موقف هؤلاء وتبني النسبية ورفضها هدفه سياسي وايديولوجي، اما نحن فموقفنا من النسبية مرتبط بالمعايير الديمقراطية التي تؤمن صحة التمثيل في بلد مثل لبنان"، معتبراً أن "اعتماد النسبية في الدوائر الكبرى هو الاكثر قدرة على تأمين صحة التمثيل في لبنان، والتخفيف من حدة الخطاب السياسي، وتوسيع المشاركة لأكثر الفئات في لبنان من ضمنها النساء والشباب، اضافة لتجديد الحياة السياسية بتسهيل وصول اشكال جديدة من العمل السياسي".
وإذ يدعو مراد المواطنين للاعتصام نهار الأحد المقبل، يرى أن "ما حصل في التمديدات السابقة ليس تمديدا، بل هو الغاء لدورة تشريعية بكاملها ومن يستطيع الغاء هذه الدورة التشريعية لن يهتم بالمجتمع المدني".
وبدورها توضح نائب رئيسة التجمع النسائي الديقراطي كارولين سكّر صليبي في حديث مع "النشرة"، "اننا دخلنا في الحراك مع "لادي" منذ زمن لتغيير قانون الانتخابات لأنه لا يتجاوب مع طموح اللبنانيين، ولأنه لا يؤمّن تمثيل النساء والشباب، وهو مبني على المحاصصة السياسية والطائفية، وينقصه الكثير من العناصر الديمقراطية الحقيقية"، مشيرة إلى أن "ما نطرحه اليوم في هذا التجمع هو الكوتا النسائية، خصوصاً وأن النساء لم تعطَ اي فرصة لاثبات فعاليتها في الحياة السياسية في لبنان"، وتتساءل "ما هذه الديمقراطية الموجودة في لبنان والتي لا تضمن التمثيل الجندري".
وتشدد سكّر صليبي على أن " المرأة في لبنان مغبونة في الكثير من القضايا، وتصنيف لبنان في مشاركة المرأة في اتخاذ القرار هو في قعر اللائحة، اذ ان بعض الدول العربية اجتازتنا في هذا التصنيف"، مؤكدة على ضرورة مشاركة النساء في التشريع.
رغم عدم وصول تيارات المجتمع المدني في الآونة الأخيرة إلى أهدافها المرجوة بسبب عدم قدرتها على خرق متانة الطبقة السياسية الموجودة في لبنان، لم يفقد مراد الأمل من امكانية وصول هذا التحرك إلى أهدافه، معتبراً أن "العمل في المجتمع المدني هو اصلاحي وتراكمي وتدريجي، والعديد من القضايا التي بدأنا فيها في التسعينيات وصلنا إلى نتيجة فيها منذ سنوات، وبالتالي لا يمكن الحكم على عملنا في المدى القصير بل في المدى التراكمي"، مشيراً إلى أن "النظام النسبي لو طبّق في هذه الدورة الا انه لن يسمح هذه المرة لقوى جديدة وحية بالدخول إلى السلطة كما هو متوقّع، بل سيحصل ذلك بالمدى الطويل، وستتحرر الطوائف من هيمنة الحزب الاكبر داخلها".
ويشير مراد إلى "اننا نطالب بالاصلاح واذا ضاقت المهل الدستورية لبدء عملية الانتخاب وعدم اصدار القانون، فيجب حينها احترام هذه المهل وان تصدر كل المراسيم الداعية للهيئات الناخبة، واذا حصل التأجيل المسمى "تقني" سيكون لدينا موقف محدد لأن الثقة لم تعد موجودة بالسلطة الموجودة حالياً"، مشدّدا على "ضرورة احترام المهل، قالقانون السيء أفضل من التمديد، لأنه أسوا شيء ممكن أن يحصل".
ثلاثة سيناريوهات اذا تنتظر لبنان، إما إجراء الانتخابات في موعدها وفق قانون الستين، او اجراؤها وفق قانون جديد اذا تم الاتفاق عليه قبل انتهاء المهل، او تأجيلها تقنياً في حال تم الاتفاق على قانون جديد بعد انقضاء المهل. فهل ينجح تحرّك "برلمان لكل البلد" في تغيير الواقع الموجود راهنًا؟