لا افق مسدودة ولا حلول نهائية في مؤتمر الاستانة، فالتوقعات غير محدودة والايجابيات تسود الاروقة. يومان من المحادثات تطغى عليها الواقعية والوقائع الميدانية، في الظاهر المجموعات المسلحة تشارك بضغط تركي، وفي العمق تذهب للمؤتمر بفعل انسداد افق مشروعها والتحولات على الارض، في حين يشارك وفد الحكومة السورية وفي رصيده انتصار حلب ومصالحات ريف دمشق والتقدم في وادي بردى وفي ظل موازين قوى مختلة لصالحه.
يكشف مصدر سوري رفيع ان دمشق كانت تريد مشاركة السعودية في المؤتمر لكن الجانب التركي رفض، واراد استبعاد الرياض والدوحة من جولة الحوار، وعبر المصدر عن تفهم دمشق للتوافق الروسي-الايراني على منح انقرة دورا بارزا ومستقلا عن باقي الدول حرصا على الاستقرار في تركيا وعدم انفجار الاوضاع داخلها وامتداده الى باقي المنطقة اذ لم يعد الوقت في صالح اي من الاطراف.
الارهاب تمدد ووصل الى عمق تركيا والرئيس التركي رجب طيب اردوغان بحاجة الى المساعدة لضبط المجموعات المسلحة، ولا يعني التفهم السوري فتح حوار مباشر مع الاتراك ولن يكون "الاستانة" فرصة للقاء الطرفين، فالمعلومات تشير الى ان التحضيرات السابقة في تركيا لعقد المؤتمر جرت بين ضباط اتراك وروس مع قادة المجموعات المسلحة وكان الجانب السوري يتابع من موسكو مجريات التحضيرات وظل رافضا للمشاركة في تركيا.
المصدر يشبه الاجواء في الوقت الراهن بتقاسم الكعكة السورية كل يريد الحصول على نفوذ ومكتسبات وتدرك دمشق ان المرحلة المقبلة ستفرض عليها بعض التنازلات ونفوذ للاطراف الراعية لكن هذا لن يطول، في الوقت الحالي الاولوية لمكافحة الارهاب والاتراك يريدون فرض نفوذهم ومشاركتهم في العملية السياسية من بوابة إدلب، لكن الاعتراض السوري قاطع حيال مشاركة الاخوان المسلمين والتدخل التركي المعادي لسوريا.
في مقابل العداء التركي، تكشف المصادر السورية الى اتباع الدبلوماسية السورية لسياسة التوازن بين موسكو وطهران في ظل تباين مواقف الدولتين الحليفتين في بعض النقاط، ويقول المصدر السوري الرفيع ان التباين ليس سرا نافياً وجود خلافات، ويرى ان الامر طبيعي في ظل تعقّد الازمة السورية واختلاف رؤية البلدين للحل، ويوضح ان دور كل منهمان كان مكملا لبعضهما البعض ولولاهما لكان المشهد مختلف في المنطقة والعالم ويشرح المصدر انه في العام 2013 كان تدخل ايران وحزب الله في الميدان مفصليا، وايضا الدعم الدبلوماسي الروسي والفيتو في مجلس الامن ومن ثم التدخل المباشر في العام 2015 ويشير الى ان الحليفين يكملان بعضهما البعض الروس في الجو والجيش السوري والحلفاء على الارض والمثال ما جرى في حلب من توحيد للجهود وانهاء المعركة بسرعة في وقت لم ينجح الطيران الروسي لوحده في ريف اللاذقية بسبب قلة العديد على الارض.
لاشك ان التباين بدأ يتضح منذ الاتفاق الروسي التركي لاخراج المسلحين من حلب ومن ثم الاعلان التركي عن الاتفاق حول سحب جميع القوات الاجنبية من سورية وما يعني ذلك ان المطالب تطال حلفاء الجيش السوري، كان الرد السوري واضحا بأن وجود حزب الله بدعوة من الحكومة السورية وبزيارة مستعجلة لطهران ووفود ايرانية الى دمشق، ولم تقف عند حدود الزيارات بل تم توقيع عدد من الاتفاقات تسمح لايران بتشغيل شركة اتصالات في سورية وانشاء مرفأ نفطي بادارة ايرانية على الساحل السوري، بالاضافة الى استثمارات في عدد من القطاعات، ما يعني ان سوريا اوصلت اليد الايرانية الى المتوسط، وعلى جانب اخر وقعت مع موسكو على اتفاق توسيع قاعدة طرطوس البحرية، وعليه فان التباين لم يؤثر على مشاركة ايران في مؤتمر الاستانة بل تبدو وتركيا وروسيا المعنيين في حل الازمة السورية بعيدا عن الامم المتحدة والولايات المتحدة.
يصف المشاركون من الحكومة السورية مؤتمر الاستانة بانه جولة سياسية من الدفاع عن سورية بالسياسة والحقوق والعسكر من الجوانب الثلاث سيتم الحديث في الاستانة ولكل ملف تحضيرات وخرائط واتفاقات والفارق ان من يريد مصلحة سورية سينتصر.