لم تنته قضية تهجير المسيحيين من الشوف رغم المصالحة المسيحية في الجبل، فأبناء تلك القرى المهجرة لا يزالون يشعرون بوطأة الحرمان القاسي سبب طغيان أمراء السياسة في ذلك القضاء. وحده مطران عادي وقف في وجه هذه الهجمة ورفع الصوت فكانت النتيجة إقالته من الأبرشية بقرار فاتيكاني. إنه المطران الياس نصار راعي أبرشية صيدا وبيت الدين للموارنة الذي رفعت بحقه دعاوى خرج منها بريئاً.
لم تبدأ معركة المطران نصار لإصلاح الكنيسة منذ الامس القريب وهو أرادها أن تكون بين يدي أعلى سلطة كنسية في العالم، البابا فرنسيس. من هنا وبحسب مصادر مطلعة حاول نصار "وهو عضو في مجمع سينودوس أساقفة الشرق الأوسط أن يلتقي البابا منذ أكثر من سنة تقريباً لوضعه في صورة ما يحصل في الكنيسة في لبنان، إلا أن كل الأبواب كانت توصد في وجهه". وتشرح المصادر عبر "النشرة" أنه "وبعد تبرئته من الدعاوى المقدمة ضده من حزب "القوات اللبنانية"، اعتبر نصار أن الأمر طوي ولكن المعركة بقيت مستمرة خصوصًا وأن المسيحيين في الجبل كانوا مستضعفين والمطران نصار وقف في وجه من اعتبروا انفسهم المرجعيّة وأبرزهم النائب وليد جنبلاط".
"معركة المطران نصار لاطلاع الكرسي الرسولي على تفاصيل ما يحدث في الكنيسة في لبنان بقيت مستمرة". إذ وبحسب المصادر عينها "أرسل منذ حوالي شهر تقريباً رسالة الى البابا فرنسيس مكوّنة من ست صفحات باللغة الفرنسيّة، فنّد فيها نصّار للبابا كلّ تفاصيل خبايا رجال الاكليروس في لبنان، وتعاطي الكنيسة مع رعيتها والسمسرات والصفقات وغيرها من الأمور التي اعتبر أن من الضروري اطلاع البابا عليها"، واضعا "علامات استفهام حول وصولها أو عدم وصولها الى يد البابا!".
في الأيام الماضية تلقى المطران نصار خبر إقالته من أبرشية صيدا بقرار فاتيكاني يصبح ساري المفعول في الخامس والعشرين من كانون الثاني 2017. من هنا وبعد تلقيه الخبر تشير المصادر الى أن "المطران المذكور توجه الى روما فوراً في محاولة جديدة للقاء البابا فرنسيس"، وتلفت المصادر الى أنه "حتى الساعة لم ينجح في ذلك على أن يعود من روما بعد ظهر الغد ويعقد مؤتمراً صحافياً عند الساعة السادسة والنصف".
ما يحضّر له المطران نصار من كلام في الغد لن يكون عابرا، وتصفه المصادر "بالقنبلة" إذ سيتحدّث بالتفاصيل وبالحقائق عن معاناة الكنيسة مع بعض من فيها، عن كلّ ما حصل معه ورآه في السنوات الخمس الأخيرة، ومسمياً الأمور بأسمائها مع ما تترافق من أوراق ووثائق ليترك بعدها للرأي العام أن يقرّر"، مؤكدةً في نفس الوقت أنه "سيستمر في خدمته الكنسية وفي معركته لاصلاح الكنيسة من أي مكان كان"، إذ إن الهدف بحسب المصادر "ليس بقاء المطران نصار في أبرشيته بل في طريقة التعاطي معه ونقله فقط لكونه قام بواجبه على أكمل وجه".
تشرح المصادر أنه "سابقاً عرض على نصار ترك أبرشية صيدا وبيت الدين ليصبح زائراً رسولياً على أوروبا، الا أنه حالياً تبلغ قرار النقل دون أن يعرف الوجهة وعلى رأس أي أبرشية سيعيّن"، لتؤكد بعدها أن "الكنيسة هي التي باتت بأمسّ الحاجة الى الاصلاح".
في المحصّلة تعتبر قضية المطران الياس نصار واحدة من القضايا التي تضع الكنيسة أمام تحدٍّ جديد يستلزم اجراء الاصلاحات فيها، فهل دفع نصار ثمن وقوفه بوجه أمراء السياسة، أم أن التحركات الاحتجاجية التي نظمها بعض الرافضين لقرار نقله أمام بكركي ستدفع بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى مراجعة حساباته حمايةً للكنيسة؟!".