أكد رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران ​بولس مطر​ في كلمة له خلال خلال احتفال بجامعة الحكمة بعيد القديس بولس في ذكرى ارتداده "اننا كلنا فرح هذا المساء، للتلاقي عائلة واحدة نعمل كلنا في جامعة الحكمة، من أجل الوطن والمنطقة والكنيسة والإنسان. وقد ألهمنا الله، أن نطلب شفاعة القديس بولس على جامعة الحكمة الحبيبة منذ تجديدها، فيما سلفنا الصالح طلب شفاعة القديس يوسف على مدرسة الحكمة. يوسف المربي وشفيع المربين، نطلب شفاعته في كل حين كجندي مجهول ولكنه جندي عظيم عند الله. أما الرسول بولس، فقد استهواني منذ صغري، ويستهوي الإنسانية كلها. هذا الإنسان الذي سار بفضل المسيح، من التعصب الأعمى إلى الإنفتاح الأوسع وإلى رؤيا عظيمة، الهمه إياها الرب يسوع، لعالم موحد متصالح بفداء المسيح بالذات. هذا الذي لم يكن يطيق المسيح ولا المسيحيين. كان فريسيا ابن فريسي ولم ير المسيح يوما في الجسد، عندما كان الرب يعلم في فلسطين، التي جاءها بعد القيامة وبعد تأسيس الكنيسة على يد بطرس والرسل، صار أكبر رسول في تاريخ الإنسانية والمسيحية وزرع الإنجيل على مدى البحر المتوسط كله تقريبا، في زمن لم تكن فيه لا سيارات ولا طائرات، بل سيرا على الأقدام وهربا في البحر، وهو الذي أدخل المسيحية إلى العالم وأظهر عالمية المسيحية".

وأوضح المطران مطر أن "بولس هو المسؤول عن هذا الإنفتاح العظيم للمسيحية نحو العالم بأسره. ولذلك رأينا أنه يجدر أن يكون ملهما لجامعة مسيحية، تريد خير كل الناس، مسيحيين وغير مسيحيين وتسعى للوحدة بين الجميع، في منطقة ممزقة بين طوائف وأديان وحروب هنا وهناك. المطران يوسف الدبس الذي أسس الحكمة مدرسة ونواة جامعة، كانت عنده نفس الرؤية. لبنان كان خارجا من الحرب من أحداث فتنة عام 1860 حيث مزق الوطن بجسمه بين مسيحيين وغير مسيحيين وكاد أن يهوي موتا. فأراد هذا الأسقف مع الذين اهتموا بمصير لبنان من دول وجماعات، أراد للبنان أن ينطلق من جديد عبر مصالحة بين أبنائه".

ولفت الى أن "جامعة الحكمة انطلقت من جديد بهذه الروح، جامعة من أجل لبنان وعيشه الموحد والمشترك وقيمه التاريخية ونظرته الرسالية والرسولية إلى المنطقة بأسرها. نحن في جامعة الحكمة، بلا يهمنا فقط. لبنان واللبنانيون يهمنا أن يكون رسولا في محيطه والمنطقة بأسرها بحاجة، إلى أن تسمع صوتا يأتي من لبنان بهذا العمق وبهذه القوة وبهذا الحب من أجل الآخرين. نحن لا نقف إزاء أحد ولا نواجه أحدا ولا ننعزل في مصيرنا عن أحد. مصيرنا ونضالنا مشترك. طبعا لنا حقوق نحن المسيحيين، لأننا بشر ولأننا لنا تاريخنا، ولكن أيضا علينا واجبات. نسمع كثيرا عن حقوق المسيحيين في العالم ولبنان، قل ما نسمع عن واجبات المسيحيين. واجباتهم أن يكونوا رسلا لهذه الحضارة، حضارة التلاقي والمساواة وحضارة الحب الذي يجمع بين الكل. هذه هي الحكمة وروحها ورسالتها، اليوم وغدا وحتى النهاية. أبرشية بيروت حملت هذه المسؤولية بفخر منذ 142 سنة. عندنا إمكانات وظروف وعلينا مسؤوليات، قمنا بها ويجب أن نقوم بها اليوم وغدا. أبرشية بيروت تعد خمس الموارنة في لبنان. لذلك علينا تترتب مسؤولية كبيرة. ولذلك أنا فخور بأن نجتمع في هذه الصلاة اليوم، ومع جامعة الحكمة، كهنة من خيرة كهنتنا في الأبرشية والكنيسة، بكل طوائفها ومعلمات ومعلمين من خيرة المعلمات والمعلمين".

ولفت الى "اننا نحن معا، نستطيع كل شيء من أجل الخير والنجاح في رسالتنا. نستطيع أن نقوم بواجبنا، مع كل الذين يقومون به، كل الجامعات جامعات شقيقة. كلنا نعمل معا، ونحن حملنا هذه المسؤولية منذ البداية، مسؤولية لبنان ومستقبله، كرسول لغيره. لهذا نقول ما قاله قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، القديس، أن لبنان أكثر من وطن وهو رسالة، كان يترجم الروح التي عشناها في الحكمة منذ 142 سنة. عشنا رسالة مفتوحة، يجب أن يقرأها كل إنسان، ونحن نكتبها بحبر الحب والعلم من أجل كرامة الناس، كل الناس وكرامة الشعوب كل الشعوب. هذه هي هويتنا. لن ننفصل عن إخوتنا حتى لو كان ما كان، لأن مصيرنا هو مصير مشترك. لذلك وعلى الرغم من كل شيء، نتمسك بهذا المصير ونحن موفقون بإذنه تعالى، لأننا نسير بحسب طريق الرب وإنجيل المسيح، وبحسب بنيان ملكوت الله وبحسب تلاقي الناس بعضهم مع بعض وبحسب الإنسانية الموحدة، الآن وغدا وبعد غد، وهي موحدة في قلب الله، وسوف تكون موحدة في قلب التاريخ".