نعم الوفد الرسمي السوري اسهم في انجاح اجتماع آستانة.
يعتبر مؤتمر آستانة ناجحاً من الناحيتين التقنية والتنظيمية شكلاً ومضموناً، على الرغم من بعض التساؤلات حول بعض البنود التي لم يعترض عليها الوفد الرسمي السوري، خصوصاً فيما يتعلق بعلمانية الدولة السورية.
فمنذ وصول الوفد الرسمي السوري في اليوم الاول لاجتماع آستانة، صرح رئيس الوفد بشّار الجعفري قائلاً جئنا للاجتماع بقلب منفتح بهدف التسهيل وليس للتعطيل، فالجلسة الاولى كانت جيدة التنظيم من قبل الدولة المضيفة، والمندوب عن الدولة الكازاخية فكك الغاما كثيرة على الرغم من وجود نوايا من الجهة المقابلة لتعطيل نتائج الاجتماع. وأضاف الجعفري ان اجتماع آستانة يهدف الى تثبيت وقف اطلاق النار وهو سيكون حدثاً مهماً على طريق التسوية السياسية لسوريا.
لقد بدا واضحا وجلياً منذ الوهلة الاولى أن هدف وفد الحكومة السورية هو الاسهام في انجاح الاجتماع والخروج منه بنتائج ايجابية، وتثبيت الانجاز العسكري للجيش السوري من خلال تحرير كامل مدينة حلب بعد الهزائم المتتالية، وتراجع دعم التنظيمات الارهابية من قبل تركيا التي باتت تحت العباءة الروسية، وغياب الادارة الاميركية الجديدة نتيجة انشغالها بترتيب أوضاعها الجديدة في عهد دونالد ترامب، وترقب كل من السعودية وقطر واسرائيل الى ما ستؤول اليه التطورات الميدانية الجديدة.
في هذه الاثناء ارتأت روسيا ان الفرصة سانحة للدخول في مفاوضات لتثبيت وقف النار بعد النجاحات المتتالية للجيش السوري وحلفائه في الميدان، كما ان الروسي يعتبر ان ما انجز حتى الان عسكريًّا يتيح لسوريا وروسيا بفرض معادلة جديدة، تبدأ بتثبيت وقف النار مع نهاية مؤتمر آستانة، على الرغم من الخوف الايراني الذي ترجم بتباين روسي-ايراني خوفاً من تسوية تركية-روسية تكون على حساب الايراني نفسه، خصوصاً بعد الاعلان عن عمليات عسكرية جويّة مشتركة بين الروسي والتركي لأوّل مرة منذ بدأ الحرب السورية.
ان الاعلان عن دول ضامنة لوقف النار، مؤلفة من روسيا، ايران وتركيا بموافقة مندوب الامم المتحدة ستيفان ديميستورا لهو دليل واضح ان ما قبل اجتماع آستانة لن يكون كما بعده. ويسأل البعض ماذا بعد مؤتمر كازاخستان وهل يصمد او ينجح وقف اطلاق النار؟.
نستطيع القول ان ما توصل اليه الاجتماع من نتائج كانت لصالح الدولة السورية حتماً، سواء نجح وقف النار ام لم ينجح، بيد ان المؤتمر أسس لبناء اللبنة الصلبة لتكون منصة متينة، يتم بواسطتها الانطلاق الى بوابة جديدة للولوج في حل سياسي، تكون فيه الحكومة السورية بوضع مريح، وعندها تكون سوريا قد دخلت في نفق الحل السياسي الذي لا يعرف احد مداه الزمني.
يتبادر لأذهان الكثيرين، سؤال عن السبب الذي جعل وفد الحكومة السورية يغض الطرف او حيال عدم التشدد ببند علمانية الدولة السوريّة، على الرغم من التمسك به في جميع المؤتمرات والبنود التي اقرت سابقاً!...
في راينا ان اجتماع آستانة كان مقررا لتحقيق هدف تثبيت وقف النار وليس لمناقشة مستقبل سوريا سياسياً، واذا ما عدنا الى تصريحات الجعفري في اليوم الاول لاكتشفنا ان رغبة دمشق في انجاح المؤتمر في كازاخستان، حقّقت هدفها على الرغم من ان تركيا قامت وتقوم بدور سيّئ الا انها تضمن تلك المجموعات الارهابية، ولا شك انكم تعرفون من هي الدول الاقليمية الداعمة للارهاب في سوريا ونقول لهم لقد آن الاون لإعادة النظر باخطاء سياستكم تجاه دمشق، وان أي شيئ يفيد بوقف هذا الجنون المُمارس على شعبنا في سوريا سنسعى اليه.
ونخلص للقول، ان التحول في المواقف بدأ، والظروف العسكرية تغيّرت، وبعض الدول الداعمة للارهاب غيّرت مساراتها نحو البدء بحل يخرج الفرقاء من هذا النفق الذي انهك الجميع، اما البعض الاخر من الدول التي لم تقتنع بعد، فانها تنتظر نتائج المقررات والميدان أي خيار ستنتهج.
وحتى تقرر باقي الفصائل الارهابيّة والدول الداعمة لها خياراتها، وبانتظار الاجتماع التالي فان العمليّات العسكرية متزامنة مع دبلوماسية البانادول (panadol) او الاديل (Advil)، والنفس الطويل حسب الوصفة السحريّة لبشار الجعفري ستبقى سارية المفعول حتى تحقيق اهداف الحرب على الارهاب في سوريا الموحدة والعلمانية.