تشي اجتماعات أستانة بأن هناك اتجاهاً لتثبيت وقف إطلاق النار في سورية، على طريق إنهاء الحرب المستمرة على سورية منذ ما يقارب السنوات الست.
روسيا، إيران وتركيا، دول مؤثرة. فروسيا وإيران تؤازران سورية ضدّ الإرهاب، وتركيا تدعم المجموعات الإرهابية وتشكل خطوط إمداد لها بالعناصر والسلاح. والدول الثلاث كانت ترعى اجتماعات أستانة. فهل تشكل هذه الاجتماعات بداية الطريق لوقف الحرب، وبالتالي الذهاب إلى جنيف لمتابعة الحوار السياسي؟ إنه سؤال برسم المقبل من الأيام.
هنا لا بدّ من الإشارة الى الأمور التالية:
إنّ وجود الوفد السوري الرسمي برئاسة السفير بشار الجعفري، المتمّيز جداً في حقل الدبلوماسية، يؤكد أنّ الدولة السورية ثابتة على موقفها الذي أعلنته منذ بدء الحرب عليها، وهو دعوتها إلى حل سياسي.
إنّ وجود وفد المجموعات المسلحة، ما عدا داعش والنصرة وغيرهما، إقرار بأنّ مشروعها في القتال ضدّ الدولة قد وصل إلى مأزق، خاصة بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في حلب.
إنّ موافقة الجميع على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، يعني بأنّ هنالك تطوّراً هاماً قد حصل، وهذا يمهّد الطريق للحلول السياسية. ومعلوم أنّ انتهاء الحرب على سورية، يعني تثبيت دعائم الاستقرار في المنطقة. فالشام هي قلب الشرق الممتد في رقعة من الخريطة البشرية، هي مساحة الأفكار والحضارات، والثقافة والعطاء لكامل البشرية. فدمشق ليست المدينة الأقدم في العالم وحسب، بل هي المدينة التي تصنع التاريخ.
أكثر من ثمانين دولة تآمرت على سورية، وتشارك في الحرب الإرهابية ضدّها، وسورية تصمد وتواجه وتقاتل الإرهاب الذي جاء من كلّ مكان في الخريطة الأرضية، هذا الإرهاب الذي بدأ يتمدّد إلى كلّ مكان من أوروبا، وكلّ مكان في العالم.
سورية تقاتل الإرهاب نيابة عن العالم كله، وقد بدأنا نتلمّس مواقف دولية تعترف بهذه الحقيقة، بأنه إذا أردنا أن نقاتل الإرهاب في العالم، فلا بدّ من التعاون مع سورية ورئيسها بشار الأسد وجيشها الذي أثبت كفاءة وقدرة.
إنّ تحوّلاً كهذا في السياسات الدولية، يؤكد أنّ هناك جهة منتصرة. وهذه الجهة هي التي فرضت واقع الذهاب الى أستانة لتثبيت وقف النار.
كلّ شيء بدأ يتغيّر، في المنطق أولاً وفي الوقائع ثانياً. في المنطق تمّ التوصل إلى حوار، وفي الوقائع تمّ التوصل إلى وقف إطلاق النار. والمطلوب هو الوصول إلى أكثر من تثبيت وقف إطلاق النار.
إنّ الحرب التي استهدفت تدمير سورية، والنيل من مواقفها القومية، ودفعها للتخلي عن دعم المسألة الفلسطينية، هذه الحرب لم ولن تحقق أهدافها، كما أن ليس من تسمّي نفسها معارضة ولا «أستانة» ولا غيرهما يمكنه التأثير على صلابة الموقف السوري.
أستانة إذن هي مقدّمة، وما بعدها تثبيت للخط القومي الذي ارتسم بصمود سورية وحلفائها في مواجهة الحرب الكونية.