في الخامس من ايار عام 1974 وقف الامام موسى الصدر في ساحة في صور مطلقا "القسم" الشهير المتعلق بالحفاظ على الحقوق والكرامة والوطن. سميت الساحة بـ"ساحة القسم"، وبعد مرور 40 عاما تقرر تطويرها لتتحول الى ساحة نموذجية بتمويل من البنك الدولي وبرعاية مجلس الانماء والاعمار، ويتحول اسمها الى ساحة "الامام موسى الصدر".
انه مشروع "الارث الثقافي" المنقسم الى قسمين، الاول يتعلق بإنشاء مواقف للسيارات قرب منطقة الآثار في صور، والثاني يتعلق بتحويل ساحة القسم الى ساحة نموذجية مزينة، ولكن بطلب من "الاونيسكو" تم ايقاف العمل بالقسم الأول بسبب وجود الأثار، واستكمل العمل بالقسم الثاني الذي كان من المفترض أن ينتهي العمل به نهاية العام الماضي. كان كل شيء عاديا الى أن قرر عدد من أصحاب المحال التجارية المحيطة بالساحة رفع الصوت وتنفيذ اضرابات واحتجاجات مطالبين بإنشاء مواقف سيارات بدلا من التضييق عليهم بالساحات.
تشير مصادر مطلعة الى أن الساحة قبل بدء العمل بها كانت أرض "بور" تُستعمل كمواقف للسيارات، وبالتالي لم تعد تستعمل لهذه الغاية، ما جعل التجار يرفعون الصوت منذ فترة مطالبين بـ"المواقف"، لافتة الى أن هذه المطالب تحققت وتم استحداث عدد من مواقف السيارات داخل الساحة، ولكن المفاجأة كانت عندما عاد رفع الصوت مجددا حيث وصل البعض للمطالبة بإزالة الساحة من أساسها. وتضيف: "على اثر الجو الضبابي الذي رافق اضراب نفذه التجار، دعت قيادة اقليم جبل عامل في حركة أمل، جمعية التجار الى الاجتماع، وتم الاتفاق على تلبية عدد من المطالب متعلقة بـ"انشاء حمامات العامّة" و"درج" يسهل التنقل بالاضافة الى المواقف التي انشئت، كاشفة أن العمل في "الدرج" انتهى بالساعات الماضية وسينتهي العمل بالحمّامات بعد أسبوع.
وتكشف المصادر أن أحقية المطالب جعلت بعض الحاقدين يركبون "موجة التجار" لاستهداف الساحة برمزيتها السياسية واسمها، لافتة النظر إلى أن "مشهد جماهير حركة أمل في 31 آب الماضي حول هذه الساحة بالتحديد إضافة الى إحياء مناسبات اخرى فيها أثار استفزاز البعض فجعلهم يصوبون عليها من "باب" المطالب التجارية المحقة.
لا يرى رئيس جمعية تجار صور ديب بدوي أن أحدا بإمكانه التصويب على الامام موسى الصدر أو حركة امل في صور "فالجميع يحبون الصدر"، مشيرا الى ان التجار عندما يتوجهون بمطالبهم الى رئيس مجلس النواب نبيه بري فهم يتوجهون الى "أبيهم". ويقول بدوي في حديث لـ"النشرة": "كما في كل مدن لبنان، تعاني الحركة التجارية، ما يجعل التجار يرفعون الصوت عندما يجدون أنهم غير قادرين على الاستمرار"، مشيرا إلى أن المطلب الأساسي هو انشاء مواقف للسيارات والانتهاء من الاعمال في الساحة. ويضيف: "بعد الاضراب تحركنا باتجاه المعنيين وأخذنا تعهدا من المسؤولين في المنطقة بالمطالب، وشكّلنا لجنة من تجار السوق لمتابعة القضية"، متمنيا "أن تصل أخبار صور الى بري وأن يتم الاهتمام بالمدينة كما ينبغي".
اما بالنسبة لرئيس البلدية حسن دبوق فيرى أن جغرافية مدينة صور لم تعد تتسع الى مواقف للسيارات ولكن هذا لا يعني بنفس الوقت أن تكون مدينة بحجمها بلا ساحات عامة يتنفس الناس من خلالها. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "رغم كل الاستهداف قمنا بواجبنا ولبّينا مطالب التجار، فنظّمنا المواقف وسنركب العدادات، وقمنا باقتطاع 3 الاف متر مربع من مساحة الساحة لانشاء مواقف"، مشيرا الى أن المشكلة ليست بقلّة المواقف فقط بل بعدم تنظيم استعمالها خصوصا وان التجار أنفسهم يركنون سياراتهم امام محالهم، مما لا يبقي أمكنة لركن سيارات الزبائن".
ويشدد دبوق على أن "التغير الوظيفي للمدينة يؤثر على أنواع التجارة فيها، ما يوجب على التجار توجيه تجارتهم بما يتناسب مع تغيّر وظيفة المدينة"، داعيا التجار الى عدم إلقاء اللوم على المواقف أو على المحال التجارية الكبيرة التي تفتح ابوابها على مداخل المدينة الجنوبية والشمالية والشرقية، فقط". كذلك يؤكد دبوق المعلومات التي تحدثت عن استهداف سياسي لبعض "المغرضين"، معتبرا أن هجوم البعض على الساحة والبلدية هو بسبب إسم الساحة ورمزيته.
أقفل الصيف الماضي أبوابه على نصف مليون زائر لشاطىء صور، الأمر الذي يدل على مكانة المدينة الاقتصادية، والتي اكتسبتها منذ مئات السنين ولهذا ينبغي ان "تصمد" عبر تأمين مقومات الصمود من جهة و"اجتهاد" التجار من جهة ثانية، مع توجيه اصبع الاتهام لكل من يسعى لتحويل "المطلب المحق" الى مكسب سياسي لن ينجح بتحقيقه في مدينة "الامام الصدر".