رغم خروج ملف مناقصة الميكانيك من لعبة الشارع، لا يزال هذا الموضوع عالقاً بين اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها لدراسة هذا الملف، ومجلس شورى الدولة المخوّل وحده، وفق القانون، اعادة النظر بالمناقصات عموماً والغائها في حال اكتشف أي خلل فيها. ومنذ بداية العام الجاري، وفي أول جلسة للحكومة الجديدة، تم تكليف لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وعضوية وزراء الداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل والعدل سليم جريصاتي والاقتصاد رائد خوري لدراسة الملف، وحتى اليوم لم يصدر أي قرار عن هذه اللجنة.
ووفق مصادر "النشرة"، فإن "ملف الميكانيك لا يزال على حاله دون تقدّم ملموس بانتظار قرار مجلس شورى الدولة المخوّلة وحدها فضّ المناقصة في حال وجدت عيوباً فيها أو الإبقاء عليها، وحتى ذلك الوقت ستبقى الشركة الحالية "فال" هي المشغلة لمراكز المعاينة الميكانيكية رغم انتهاء عقودها مع الدولة".
وتشير المصادر إلى أنه "في حال قرّرت الدولة منفردة الغاء المناقصة لقرار سياسي أو أي قرار آخر، فسيتوجّب على الحكومة دفع تعويضات للشركة التي فازت بالمناقصة وهي شركة شركة SGS"، مضيفة "ان أي شخص يراقب كيف تطوّرت القضية وكيف سحبت المظاهرات من الشارع وكل هذا السيناريو الذي حصل، يستنتج أن المصالح السياسية هي التيتهدد بالغاء المناقصة وباقصاء الشركة الفائزة، وكما كان متوقعاً، فإن هذا القطاع قد تراجع عما كان عليه في السابق بعد المظاهرات واقفال الطرقات، والدليل أن الآليات التي خضعت للمعاينة خلال عامي 2015 و2016 يمكنها أن تدفع رسوم الميكانيك دون معاينة جديدة ما يعني أن هناك آليات تسير على طرقات لبنان حالياً غير خاضعة للمعاينة حديثاَ".
من جانبه يعتبر محامي شركة "SGS" الفائزة بالمناقصة نبيل معاد، أن "كل شركة خاضت مناقصة محددة وخسرت فيها، من حقها أن تعترض لدى مجلس شورى الدولة الذي يحقق بدوره بصحة المناقصة التي جرت، وملف الميكانيك حالياً موجود في المجلس المذكور".
ويلفت معاد إلى أن "الدولة تُعامَل قانونياً كمتعاقد شريف وكطرف في النزاع، أي أنها لا تلغي مناقصة بدون سبب، وفي حال اكتشفت أن المناقصة فيها شوائب تلجأ للقضاء المتمثل بمجلس الشورى المخول وحده الغاء المناقصة"، مؤكداً أنه "في حال ألغت الحكومة واللجنة الوزارية المنبثقة عنها هذه المناقصة لأسباب سياسية ودون الرجوع لمجلس الشورى، فبطبيعة الحال ستطالب شركتنا بتعويض مادي عمّا حصل" .
وإذ يوضح معاد أنه "في البداية، وبعد أن تمت المصادقة على المناقصة وبعد أن تم ابلاغنا اياها، طلب منا ايداع كفالة حسن تنفيذ فأودعناها وباشرنا بالتنفيذ، وبالتالي فإن الغاء المناقصة بعد ذلك سيرتب علينا خسائر جسيمة"، يشدد على أنه "لا يحق للحكومة منفردة الغاء المناقصة لأنها طرف في العقد، وبالتالي في حال حصل ذلك ستكون سابقة بأن تلغى مناقصة لأسباب ومصالح سياسية".
وحتى اليوم، لم يناقش مجلس الوزراء في أي من جلساته ما توصّلت إليه اللجنة الوزارية المذكورة من نتائج، ولم يصل مجلس شورى الدولة إلى أي قرار لانهاء هذا الملف العالق في الدهاليز السياسية.
وفي هذا السياق، يؤكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، في حديث مع "النشرة"، "اننا لم ننتهِ من النقاش داخل اللجنة الوزارية بعد ولا يوجد أي جديد في هذا الموضوع رغم تحقيقنا تقدماً في الملف".
ويوضح خوري أن "النقاش يدور حالياً على كل جوانب المناقصة من السعر الى الطريقة التي حصلت فيها وصولاً إلى ما يمكن القيام به كحلول"، مشيراً إلى أنه "في نهاية الدراسات والنقاشات، تصدر اللجنة توصيات إلى الحكومة التي بدورها تتخذ قراراً في الموضوع".
في حال تمت اعادة المناقصة من قبل الحكومة، ما هو حجم الخسائر الاقتصادية التي ستتكبدها الدولة جراء ذلك؟ وهل ستفتح إعادتها من جديد الباب لإعادة عدة مناقصات لم تحظَ بالتوافق السياسي؟.
في الخلاصة، سيبقى السبب الرئيسي خلف الغاء المناقصة في حال حصل ذلك، او خلف "المعمعة" التي أثيرت حول هذا الملف مجهولاً، وستصبح مصداقية الدولة أمام الشركات الأجنبية مهددة، إن تم الغاؤها لأسباب سياسية دون الرجوع إلى مجلس شورى الدولة.