أن يزور المرشح عن المقعد الماروني في دائرة بيروت الأولى مسعود الأشقر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل منذ أشهر قليلة او منذ سنة أو أكثر الى الوراء، هو خبر عادي في القراءة السياسيّة، ولكن أن يجتمع الأشقر بباسيل ظهر أمس، ثم يخرج ويصرح من على منبر وزارة الخارجية والمغتربين، عن قانون الإنتخاب العصري وضرورة التوصل الى قانون انتخابي جديد، كل ذلك في زمن يمكن القول فيه إن مشاورات قانون الإنتخاب بين الأفرقاء هي الأكثر جدية منذ ما قبل التمديد الأول لمجلس النواب، تصبح الزيارة عندها خبراً إنتخابياً يدخل ضمن لعبة الحسابات والتحالفات وتوزيع المقاعد.
وفي المعلومات الإنتخابية التي تدور في كواليس دائرة بيروت الأولى المؤلفة من الأشرفية والرميل والصيفي، تصرّ القوات اللبنانية على ترشيح عماد واكيم منسقها في بيروت، عن المقعد الأرثوذوكسي في الدائرة الأولى. ترشيح واكيم تقول المصادر القواتية إنه من الثوابت ولن تتخلى عنه أبداً، حتى لو خلق ذلك مشكلة مع راعي أبرشية بيروت للروم الأرثوذوكس المطران الياس عوده، الذي درجت العادة أن يشارك بتسمية المرشح الأرثوذوكسي في هذه الدائرة. أما المقعد الكاثوليكي، فما من نقاش حوله، إذ ما من مشكلة لدى القوات بأن يعطى لوزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون الذي يشغله اليوم، نظراً الى الحيثية الشعبية والخدماتية التي يحظى بها في الدائرة، وكذلك بالنسبة الى التيار الوطني الحر الذي لن يفتعل مشكلة مع فرعون على مقعده النيابي، خصوصاً أن الأخير ركب موجة تفاهم معراب بين التيار والقوات منذ عهد حكومة تمام سلام، وإتخذ مواقف متناغمة ومتضامنة مع هذا التفاهم الأمر الذي أدى الى إعادة توزيره من حصة القوات في حكومة سعد الحريري. وبما أن هوية المرشحين عن المقعدين الأرمنيين معروفة سلفاً ومحسومة لمصلحة حزب الطاشناق، يبقى المقعد الماروني الذي يترشح عنه عادة مسعود الأشقر، المقرب جداً من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجيّة جبران باسيل. وبما أن ليس لدى التيار من مرشح حزبي قوي عن هذا المقعد، والأشقر هو من الأصدقاء الأوفياء في السياسة، وسبق له أن خاض الإنتخابات مدعوماً من العونيين وأثبت حيثيته، من المرجح أن يقع خيار الوزير باسيل عليه لإستكمال لائحة التحالف العوني-القواتي-الطاشناقي-الفرعوني في دائرة بيروت الأولى.
إذاً لكل ما تقدم، تكتسب زيارة الأشقر لباسيل أهمية إنتخابية، أولاً نظراً الى للتوقيت الذي حصلت به في زمن يتصدر قانون الإنتخاب الجديد كل الملفات، وثانياً لكونها ترسم صورة اللائحة التي ستخوض الأحزاب بها معركة بيروت الأولى، بوجه لائحة قوامها حتى اللحظة، حزب الكتائب والأحزاب الأرمنية المعارضة للطاشناق، كالهانشاك والرامغافار، كل ذلك إذا لم يلتحق الكتائب في اللحظات الأخيرة بتفاهم معراب، وهذا أمر ليس بالسهل تطبيقه في ظل الحسابات القواتية، والخصومة السياسية التاريخية بين الفريقين.