هل نجح مؤتمر الآستانة في فصل المجموعات المسلحة عن جبهة "النصرة"؟ وماذا يجري في ادلب؟
لا قتال بين "الاخوة" ولا مصلحة في الاحتراب حالياً، القرار في اطلاق العمليّات العسكرية ضد "النصرة" وحلفائها لم يحن بعد، ولا يزال الميدان في مرحلته الأولى من فصل المجموعات المسلحة عنها، "الآستانة" فرض عملية فرز أفقيّة وعاموديّة على التنظيمات المسلحة في ادلب، بعضها قد يمكنها أن تحاور الحكومة السورية وأخرى تمهّد لفرض "إمارة" في الشمال السوري.
لا يبدو المشهد بعد الاستانة كسابقه، العين على إدلب وريف حلب الغربي وما يمكن أن يفرزه الاتفاق الثلاثي الروسي الايراني التركي، ادلب حيث يتجمع المسلحون الرافضون للتسوية مع الجيش السوري مؤشر نجاح الاتفاق.
حتى الآن تكشف التفاصيل أن عملية الفصل أصبحت شبه منجزة، بعد أن حسم الجميع خياره بين الانضواء تحت راية حركة "أحرار الشام" أو "هيئة تحرير الشام"، أما الاختلاف بين التجمعين فهو حول النظرة إلى مستقبل سوريا، بين وجهة نظر تقول انها "دولة وطنية"، وفقاً لما توصلت اليه "أحرار الشام"، وأخرى تعتبر أنها "أرض جهاد ومشروع لاقامة دولة اسلاميّة"، وفقاً لـ"النصرة" ومن يتحالف معها، إلا أن هذا الإختلاف لم يصل حتى الآن الى مرحلة الاحتراب الداخلي، في حين أن الإشتباكات التي دارت بين الجانبين، في الاسبوع الماضي، كانت بمثابة تحذير من الجبهة للفصائل بأنها عاجزة عن تنفيذ مقرارات الآستانة.
في هذا السياق، تطرح الوقائع الميدانية سيناريو التدخل التركي المباشر في ادلب، في حال اندلاع معارك بين المجموعات المسلّحة، اذ يؤشر انقلاب القادة السابقين لـ"أحرار الشام" وتشكيلهم "تحرير الشام"، التي تضم "النصرة" و"جند الاقصى" و"نور الدين الزنكي"، بأن ميزان القوة أصبح يميل لصالح الهيئة، نظراً لضمّهم العناصر المتشدّدة والأكثر قدرة على القتال، وبالتالي فإن الفصائل المقرّبة من تركيا (أحرار الشام) بحاجة لدعم خارجي في حال اندلاع المعارك.
السيناريو الآخر، هو سيطرة "تحرير الشام" على ادلب واعلان امارة تنسف مقرارات الآستانة، وما بين السيناريوهين يربك العامل السعودي-القطري الجانب التركي ويضعه أمام خيارات صعبة، اذ يدرك الأخير أن التدخل في إدلب لن يشبه أبداً ما حصل في ريف حلب الشرقي، بينما اشعاله معركة بين الفصائل غير محسومة النتائج ستضعف دوره في منطقة نفوذه، لذلك فضلت أنقرة القبول بالستاتيكو الحالي وانتظار المستجدات.
أما السيناريو الأبعد زمنياً، فهو العمليات التي يمكن أن يطلقها الجيش السوري، بدعم من حلفائه، باتجاه مواقع "النصرة" في ريف حلب الغربي، ومن ثم نحو ادلب، الأمر الذي قد يعقّد الوضع على "أحرار الشام"، بسبب مشاركتها "النصرة" في معظم المواقع الميدانية المتقدمة، لكن في جميع الأحوال الواقع الحالي لن يستمرّ طويلاً، حيث أن الاستعدادات تشير الى عمليّات استباقية ستقودها الجبهة ضد المجموعات التي تتهمها في ابلاغ قوّات التحالف بتحركات قيادييها ومقاتليها ومواقع تواجدها، وستتوسع مروحة تلك الفصائل التي أصبحت مطالبة بعد موافقتها على الاستانة، بالابتعاد عن "النصرة" والمساعدة في القتال ضدها.
على الجانب الآخر، يبدو الجيش السوري أكثر ارتياحاً لتثبيت وقف اطلاق النار في الآستانة، بالتزامن مع إطلاق عمليات عسكرية كبيرة ضد تنظيم "داعش" في ريف حمص الشرقي باتجاه تدمر وريف حلب الشرقي باتجاه مدينة الباب، بينما انعكس الاتفاق على المصالحات الجارية في أرياف دمشق ودرعا وحمص، حيث سيوفر الجيش، في حال إتمامها، آلاف المقاتلين لزجّهم في المعارك ضد "النصرة" و"داعش".