يُنقل عن الرئيس البوسني الراحل علي عزت ببيغوفيتش قوله: «إنّ كلّ قوة في العالم تبدأ بثبات أخلاقي، وكلّ هزيمة تبدأ بانهيار أخلاقي».
في الحقيقة، إنّ ما حصل معنا كلبنانيين يعود بدرجة أكيدة إلى الانحطاط الأخلاقي والتدهور القيمي الذي يسيطر على النفوس والنصوص. الفساد في الإدارة والمؤسسات، الفساد في ملف الكهرباء، الفساد في تلزيم المشاريع إلخ… الفساد الذي يضرب عمق الدولة ويجعلنا نئنّ من التردّي العام في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومن الضعف الذي يصيب البنيان السياسي. فمنذ تأسيس الكيان دائماً كانت الصفقات التي تحمل مرة عنواناً طائفياً وآخر زعامياً. أو التسويات بين القوى الداخلية النافذة والدول الخارجية المؤثرة، تجعل من هذا البلد دائم الاضطراب والفوضى والتحلل والتفكك والخلافات وبالتالي نحن كشعب لبناني مهزومون بتخلّينا عن ثوابت الحق ومبادئ العدالة وقيم الإنسان وكرامته. ولا يمكن أن ننهض ونصبح أثرياء إلا أن نعاود الالتزام بقيم الوحدة والتعدّدية والتسامح والمساواة والعدالة وبحق اللبنانيين أن يكونوا مواطنين لا رعايا طوائف، وغير ذلك من القيم التي تعزّز مناعتنا وتحصّن أسوارنا في مواجهة الأخطار والتحديات الخارجية.
اليوم نحن على أبواب استحقاق حاسم، فإما نلتزم بقانون عادل يتمثل فيه الجميع على قدم المساواة لنصبح أقوياء بإنسانيتنا ومواطنيتنا، وإما نبتدع قانوناً على قياس الزعامات ومصالح الطوائف فنسقط في مستنقع التخلف والانقسامات والطائفية.
الوقت ليس بصالح أحد والمخاطر الداخلية والخارجية لا تترك لأحد أن يمارس ترف الانتظار والمناورات، فالجميع أمام مسؤولية كبيرة وتاريخية تتطلب دعماً غير محدّد لخيار فخامة الرئيس العماد ميشال عون للقضاء على جرثومة الطائفية والانتقال إلى عهد جديد من العيش لا تفرقة فيه ولا تمييز وإنما لبنان لجميع بنيه.
النسبية قوة وطنية وأخلاقية والستين هزيمة وطنية وأخلاقية. فهل نختار القوة لأولادنا ووطننا ومستقبلنا، أم أننا شعب يحبّ أن يهزم نفسه بنفسه؟