بعد الكلام عن إنطلاق قطار التعيينات في الدولة اللبنانية واقتراب الكلام عن تعيينات أمنية مرتقبة تبقى العين على التعيينات الاعلامية التي من المتوقّع أن يصدرها مجلس الوزراء والتي تشمل الوكالة الوطنية للاعلام وإدارة تلفزيون لبنان الذي يعاني في السنوات الاخيرة بسبب "انتمائه" للدولة اللبنانية.
يكاد من يذكر التلفزيونات اللبنانية ينسى وجود مؤسسة أسمها "تلفزيون لبنان" لعدّة أسباب من أبرزها نوعية البرامج التي تعرض عليه والتي لا تواكب العصر. ولكن يوم استلم طلال مقدسي رئاسة مجلس إدارة تلفزيون لبنان تأمّل كثيرون أن ينجح بتحقيق النقلة النوعية والإنجاز في هذه المؤسسة التي أكلها "الهريان" ولكن بدل أن تنطلق نحو التحديث وتواكب ولو بشكل جزئي بقية المؤسسات الإعلامية المرئية...
من لا يذكر المعركة القديمة الجديدة التي شهدتها الساحة الإعلامية بين مقدسي وصائب دياب مدير الأخبار في المؤسسة، والتي تطرقت اليها "النشرة" سابقاً ووصلت لحدّ رفع الأخير دعوى بحق المقدسي والفوز عليه فيها؟ ومن ينكر أن هذه المعركة أوصلت الشاشة الى "الحضيض"، وجعلت المقدسي يقضي آخر أيامه حاملاً سيف التهديد والوعيد بحق الموظفين. وفي هذا السياق يشير مصدر مطلع على الدعوى الى أن "قاضي الأمور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن عقدت عدّة جلسات حول سبب عدم تنفيذ المقدسي الحكم والذي قضى بعدم تدخله نهائياً بمديرية الأخبار، وبأنه سيتكبد حوالي الأربعين مليون ليرة عن كل مخالفة يقوم بها"، مضيفاً: "المخالفات حصلت في هذا المجال ويرجح أن يكون حجم المبالغ التي من المفترض أن يسددها المقدسي كعطل وضرر كبيرة".
ويتابع مصدر آخر مطلع الى أن "ممارسات المقدسي وصلت بحسب ما علمت "النشرة" الى حدّ تهديده بطرد مجموعة كبيرة من الموظفين في القريب العاجل وأغلبهم من المقربين من صائب دياب ومن طائفة معينة"، مشدداً على أن "التهديد شمل طرد مذيعات نشرات الأخبار ندى صليبا وغادة العريضي لاستبدالهم بوجوه أخرى أكثر شباباً علماً بأن الأسماء التي طرحها وهي من داخل المؤسسة لا تقل عمراً عن هاتين المذيعتين ولا تفوقهما خبرةً".
من شاهد قناة "OTV" أصابه استغراب شديد بعد عرضها إعلاناً لمسلسل كاد أن يمحى من الأذهان "العاصفة تهبّ مرتين"، هذا المسلسل الذي يعود الى سنوات وسنوات خلّت والذي انفرد "تلفزيون لبنان" في عرضه، والذي أثير الكثير من اللغط حوله في الأيام الماضية بعد الكلام عن أنه "قُدم "كهدية مجانية" من المقدسي ليُعرض على شاشة "otv" لتعود بعدها إدارة المحطتين وتتحدثا في بيانين عن تبادل بين المؤسستين في مسلسلين... ولكن ورغم ذلك يبقى التساؤل مشروعاً لماذا في هذا الظرف بالذات ولماذا لم يحصل قبل سنوات خلال مدة ولاية المقدسي؟!
تجدر الاشارة الى ان المقدسي تفرد بالعمل دون اشراك ممثل مجلس الادارة جوزيف سماحة، كما ان وزير الاعلام السابق رمزي جريج شكا كثيرا من تماديه حيث كان يعمل منفردا دون خبرة اعلامية، وكاد ان يتسبب بازمات وطنيّة لولا حكمة مدير الاخبار صائب دياب المعروف عنه رفعه شعار تلفزيون لبنان لكل لبنان، ومن المتوقع ان يصدر عن القضاء حكما شديدا لتنفيذ الحكم السابق الذي لم يلتزم به لجهة عدم التفرد في البرامج السياسية والنقل المباشر، ووقف ممارساته في مديرية الاخبار. ومن غير المستبعد ان يواجه المقدسي في جلسة الاثنين مسألتين مهمّتين: الاولى، التهكّم امام الموظفين على قاضية امور العجلة، الثانية، بثه نقلا لجنازة شيمون بيريز، ونقله لمباريات رياضية بمشاركة رياضيين اسرائيليين. وفُهم من مراجع رسمية ان مجلس الوزراء سيعيّن قريبا جدا مجلس ادارة جديد للتلفزيون لينهي أسوأ مرحلة مرّت عليه في تاريخه.
"النشرة" وإذ تضع هذه المعلومات برسم وزير الاعلام ملحم الرياشي المشهود له بالحكمة، لا سيّما وأنّ له الباع الطويل في العمل الاعلامي، تأمل التحرّك السريع لانقاذ ما يمكن انقاذه في القريب العاجل.
في المحصّلة يوم وصل ميشال عون الى سدّة رئاسة الجمهورية علّق اللبنانيون الكثير من الآمال على هذا العهد الذي من المتوقّع أن يكون مغايرا لكل العهود، والمعروف عن الرجل أنه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي عندما كان قائداً للجيش ورئيساً لحكومة إنتقالية كان ميالاً الى "تلفزيون لبنان"، هذه المؤسسة التي لم تستطع بعد أن تجدد شبابها، فهل ينجح الرئيس في المكان الذي فشل فيه سلفه، ويحقق النقلة النوعية في هذا المرفق مع وصول رئيس مجلس إدارة جديد؟!