ضربة مدوّية اتت خارج حسابات النّظام السعودي ودوائر القرار الإقليميّة الدّاعمة له: إطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى باتجاه قاعدة عسكريّة غربيّ الرياض، بعد ايّام على استهداف البارجة السعودية في البحر الأحمر، متوّجا ببيان " القوّة الصاروخية اليمنية" الذي اعلن انّ الرّياض باتت في مرمى الصواريخ اليمنيّة، و"القادم أعظم".. ما يعني انّ الأمور دخلت منعطفا جديدا في المنطقة، على وقع مناورات ضخمة أطلقتها طهران بوجه تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أُرفقت برسالة ناريّة عبرت على لسان قائد القوّة الجوّ-فضائية في الحرس الثّوري الإيرانيّ، مفادها "انّ ارتكاب اميركا لأيّ خطأ بحقّ طهران، سيجعل الصواريخ الإيرانيّة تنهال على رأسها"، وسط تسريبات اوساط مقرّبة من فريق ترامب، نقلها موقع "ناشونال انترست" الأميركيّ عن المسؤول السابق في وكالة الإستخبارات الأميركية بول بيلر، كشفت عن عزم الرئيس الأميركيّ تنفيذ "حدث كبير" شبيه بأحداث 11 ايلول يشكّل صدمة في المنطقة، ينفذ من خلاله ترامب الى شنّ حرب ضدّ ايران وحلفائها في المنطقة، تزامنا مع معلومات استخباريّة كنديّة كشف عنها موقع "بلومبرغ"، رجّح حصول عمليّات اغتيال لمسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة، قد لا تستثني دونالد ترامب نفسه!
وفي حين بدا واضحا انّ الإدارة الجديدة في البيت الأبيض تُزمع الدّخول بشكل مباشر على خطّ الحرب السعودية على اليمن، كما الإنطلاق بخطّة الإطباق على المنطقة الشّرقية السورية وصولا الى انشاء "المناطق الآمنة" في سورية التي أعلن عنها ترامب منذ تنصيبه رسميّا، برز تصويب اعلامي "اسرائيلي" مركّز على حزب الله، مُرفقا بحراك استخباري خرقته زيارة سرّية قادت رئيس الموساد يوسي كوهين للقاء كبار مستشاري الرئيس الأميركي بينهم مستشاره للأمن القوميّ مايكل فلين.. اللافت انّ زيارة كوهين هي الثانية في فترة زمنيّة قياسية، وتزامنت مع تقرير لمحلّل عسكري في صحيفة فريدنز غانغ النّروجية، لم يستبعد فيه اتفاقا أُبرم بين تل ابيب وادارة ترامب، يُفضي الى " امر عسكريّ ما" في المنطقة، سيّما انّ موقع "ديبكا" العبريّ لفت الى انّ الرئيس الأميركيّ الجديد بحاجة ماسّة الى شنّ حرب ضدّ ما أسماه" المحور الإسلاميّ الراديكالي" لضمان استمراريّته في البيت الأبيض، كاشفا انّ السعوديّة و"اسرائيل" ستكونان في قلب هذه الحرب!
لكن! ما لم تتوقّعه تل ابيب وحتى ترامب وفريقه، هو الرّد الإستباقي لمحور المقاومة عبر صاروخ "بركان2 " الباليستيّ بعيد المدى، أطلقه الحوثيّون باتجاه الدّاخل السعوديّ ليُلامس الرّياض، مُستهدفا قاعدة عسكريّة اكّد شهود عيان انّ اصابتها جاءت دقيقة للغاية وخلّف انفجارات عنيفة سُمعت أصداؤها في العاصمة نفسها، وليُلحق مباشرة ببيان رقم 1 للقوة الصاروخية اليمنيّة حدّد فيه المعادلة الجديدة في مواجهة "دول العدوان": "الرّياض باتت في مرمى صواريخنا، هدفٌ مقابل هدف وميناء مقابل ميناء".. معادلة أعادت سريعا بلا شكّ الى أذهان قادة تل ابيب، تلك التي ارساها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطاب توجّه به الى "اسرائيل"، حيث حذّرها وقتذاك من معادلة "بناء ببناء ومطار بمطار وميناء بميناء" اذا فكّرت بشنّ ايّ هجوم على لبنان. الرّسالة الصاروخية اليمنيّة التي تجاوزت للمرّة الأولى الخطوط الحمر في سياق الحرب السعودية على اليمن، بدت واضحة: المواجهة واحدة، والقرار واحد من دمشق، مرورا بطهران وحزب الله، وصولا الى اليمن.
الأخطر ان يُرفق إطلاق "بركان 2" على عمق الدّاخل السعوديّ، بتحذيرات استخباريّة فرنسيّة نبّهت تل ابيب من اختراق رجال حزب الله بحرا لكيلومترات باتجاه المستوطنات الشماليّة –وفق ما نقل محلّل استراتيجي تشيكي عن مسؤول سابق في جهاز الإستخبارات الفرنسيّ، مرجّحا ان تكون المهام توزّعت بين طهران وكل حلفائها على امتداد جبهات المواجهة في المنطقة، للرّد الفوري الذي ستُعطى اشارة انطلاقته عند أوّل مبادرة هجوميّة يُنفّذها ترامب او "اسرائيل" باتجاه اهداف في ايران، والذي لن يقتصر حصرا على استهداف البوارج والقواعد العسكرية الأميركية في الخليج العربيّ، بل قد يتطوّر الأمر الى مفاجآت خارج التوقّعات الإسرائيليّة، سيّما انّ صواريخ "استراتيجيّة" أُخرجت من مخابئها بالتزامن وعلى طول خطوط المواجهة.
مضافا الى ذلك، فإنّ مؤشّرات كثيرة باتت تُدلّل بقوّة على انّ الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب ستشهد تغييرات دراماتيكية. ففي حين خلٌص موقع بلومبرغ الكندي في تقرير كان اعدّه حول رؤيته الى ما ستؤول اليه اوضاع اميركا في العام 2017، الى تأكيد انّ هذه التغييرات ستشمل حالات انفصال لبعض الولايات، يتخلّلها فوضى ومواجهات خطيرة لن يكون مُستبعدا ان يفرض على إثرها ترامب حظر التجوّل في المدن الرئيسية الكبرى، ذهبت محطة "سي ان ان" الى ترجيح ان يواجه "الرئيس المتهوّر" عمليّة اغتيال مدروسة قد تشمل ايضا نائبه ومسؤولين في ادارته، فيما لفت الصحافي البريطاني في صحيفة "اندبندنت" بيتر اوبورن، الى انّ السعودية ستوشك ايضا في غضون شهور قليلة على فوضى عارمة، تؤجّجها عمليّة انقلاب أُنجزت تحضيراته للإطاحة بالملك سلمان، وإطباق رئيس جهاز الأمن السعودي السابق محمد بن نايف على السلطة!
الا انّ اللافت والأبرز وسط المشهد الدراماتيكي القادم على المنطقة، فتمثّل بتقاطُع معلومات سفراء اقليميين في بيروت، اشارت الى تطوّرات ساخنة مقبلة على منطقة الخليج برمّتها، في مقابل اخرى ميدانية في سورية واليمن غير متوقعة.. كاشفة عن استحقاق لصالح سورية وحلفائها سيتّسم بأهمية كبرى، يسبق زيارة رئيس دولة اقليميّة للمرّة الأولى الى دمشق منذ بدء الأحداث، تكون بمثابة نصر كبير للرئيس السوريّ بشار الأسد.