في الوقت الذي تعاني فيه المناطق اللبنانية من عبء النزوح، تعود الدولة بكافة أجهزتها الأمنية والادارية لاعداد مسح دقيق لأعداد السوريين، في ظل تضارب الأرقام، الأمر الذي ظهر من خلال اعادة الاحصاء في البلدات الجنوبية، الذي تتولاه الجهات الرسمية من جهة والحزبيّة من جهة ثانية، بينما غزت العمالة السورية، خصوصاً الأطفال، الأسواق الحرة في النبطية من دون أي تدخل من قبل وزارة العمل أو القوى الأمنية المعنية.
وفي حين ستعمد الدولة اللبنانية، خلال اسبوعين، إلى إقامة مسح الكتروني للنازحين وستخصّص بطاقة ممغنطة لكل نازح تتضمن معلومات عنه، على ضوئها تحدد الأمم المتحدة قيمة المساعدات المطلوب تقديمها لهم، علمت "النشرة" أن عدداً من النسوة السوريات يبعن البطاقة العائلية المخصصة لهنّ ويشترين الذهب من أسواق المدينة.
في هذا السياق، كشفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن عدد الأطفال السوريين العاملين يفوق 3000 فيما عدد النازحين إلى النبطية هو 15000، وإلى المنطقة يناهز 60000، مشيرة إلى أن عمالة الأطفال اللبنانيين ممنوع قانونًا، في حين انّه لا يُطبّق على الأطفال السوريين الخاضعين لاشراف الأمم المتحدة.
من جانبه، أشار رئيس جمعية تجار محافظة النبطية جهاد فايز جابر، عبر "النشرة"، إلى أن أعداد الأطفال السوريين العاملين في تزايد رغم التحذير من مغبة ذلك، لافتاً إلى أن خطوات المعالجة خجولة والمهن الحرة التي يعملون فيها تتركز في: ورش البناء، محلات "النوفوتيه"، محلات "الحدادة وبويا"، تمديدات الكهرباء والادوات الصحية، بيع العلكة، الأفران، بيع الطيور والأرانب، تنظيف البيوت، بسطات الخضار والفاكهة، بيع القهوة والمرطبات والمياه، بأجور متدنية لا تصل إلى 200 الف ليرة لبنانية للشخص، مؤكداً أنهم يعملون في مهن أكبر من أعمارهم وهي متعبة لهم، معتبراً أن هذا الموضوع يتطلب تدخلاً من الوزارات المعنية والقوى الأمنية، بالإضافة إلى وضع قوانين صارمة لحماية اليد العاملة اللبنانية.
وفي جولة لـ"النشرة" على طول الطريق الممتد من مثلث دار المعلمين والمعلمات في النبطية حتى بلدة يحمر، مروراً بالنبطية الفوقا وكفرتبنيت والزوطرين الغربية والشرقية، تبيّن غزو عمالة الأطفال السوريين على كافة المهن الحرة، حيث كان الطفل السوري محمّد ع.، من الحسكة، يقف أمام عربة لبيع الموز، وقال انه يأتي به من مخمر في النبطية الفوقا ويبيع الكيلو بألف ليرة، ويبدأ عمله من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة عصراً، أما ربحه اليومي فيصل إلى 150 الف ليرة لبنانية. بالقرب منه بائع قهوة يدعى نزار جمول يجني يومياً 40 الف ليرة من البيع للسيارات العابرة.
وفي كفرتبنيت محل للخضار يديره اللبناني أدهم، لكن يعمل لديه 3 سوريين، الأول هو من يشرف على البيع، يدعى محمد ج. من ادلب، يقول ان ربحه يصل يومياً إلى 50000 ليرة لبنانية، كما يعمل لديه الطفلان السوريان أحمد د. (5 سنوات) ومحمد م.، من مدينة حلب، يتقاضى الأول 5000 ليرة لبنانية يومياً نظرًا لخبرته، والثاني 3000 ليرة لبنانية، أما في أرنون ويحمر لا ينتعش البيع في دكاكين أنور والحاج وجيه الا بالأطفال السوريين "لأنهم الأرخص ماديًّا واللبنانيون لا يعملون بمهن مشابهة".
وفي كفرجوز، يقول غسان، أنّ لديه 3 أطفال سوريين، "ومن دونهم لا يسير عملي وحركة البيع تنتعش بهم"، وهم سامي (6 سنوات) الذي يتقاضى 8000 ليرة لبنانية يوميًّا، لكنه يحصل على المبلغ وأكثر جراء نقل الطلبات إلى المنازل، مناف (7 سنوات) الذي يتقاضى 5000 ليرة لبنانية ويحصل مقدارها من جراء نقل الطلبات إلى المنازل أيضاً، محمد (4 سنوات) وهو يتولى نقل الأغراض الخفيفة ويتقاضى 4000 ليرة لبنانية.
أمام ما عرضناه عن عيّنة قليلة، فإنّ من واجب الجهات المعنية التدخل لانعاش الأسواق الحرة بالعمالة اللبنانيّة، كي لا تبقى البطالة تغزو الأسواق اللبنانيّة!.