غاص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في التفاصيل اللبنانية، فاحتلّ الحديث عن اللاجئين السوريين والضرائب والوضع الأمني في البقاع، مساحة واسعة في خطابه لمناسبة حفل تأبين عضو مجلس شورى الحزب الشيخ حسين عبيد، اضافة للحديث السياسي عن قانون الانتخاب الذي يشغل "بال" الجميع ولكن دون تحقيق أي تقدّم يذكر مع اقتراب الموعد المحدد للانتخابات النيابية.
أعاد نصر الله التأكيد على موقف الحزب من قانون الانتخابات، فالحزب الى جانب حركة أمل مع النسبية، اضافة لكل مكونات فريق الثامن من آذار والتيار الوطني الحر، ولكن هل يعني هذا الحديث أن امكانية الوصول لقانون انتخابي لا يحظى بموافقة الجميع أصبحت واردة؟. لا يرى عضو الأمانة العامة في 14 اذار نوفل ضو هذا الأمر ممكنا، خصوصا بظل "الفوقية" الموجودة لدى جميع الباحثين في الملف الانتخابي. ويقول في حديث لـ"النشرة": "ان الوقائع تثبت أن القوانين المطروحة مفصلة على قياس الناس التي تطرحها دون الالتفات لما يريده الرأي العام"، سائلا "من الذي يقرر أي مشروع قانون نناقش وأي مشروع لا نناقشه، ومن قرّر البحث بالنسبي أو الاكثري أو المختلط وضرب بعرض الحائط مثلا قانون الدائرة الفردية، وقانون "one man one vote"، وقانون الرابطة المارونية"؟.
من جهته يرى المحلل السياسي غسان جواد أن موقف حزب الله بشأن القانون الانتخابي لا لبس فيه، فالحزب يعتبر النسبيّة مدخلا ضروريا للاستقرار السياسي. ويرى جواد في حديث لـ"النشرة"، "إن موقف تيار المستقبل يختلف عن موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ، فالأخير يملك موقفا مبدئيا يعتبر فيه ان النسبيّة ستؤثر على امكانية فوزه بمقاعد مسيحيّة، وستؤثر أيضا على مقاعده الدرزيّة، وهذا ما يمكن تعويضه على المستوى الوطني بسبب امتداد ووجود الحزب التقدمي، انما بالنسبة للمستقبل فالنسبيّة ستؤدي لخسارة "البلوك" المذهبي الذي يستعمله رئيس الحكومة سعد الحريري في كل مناسبة"، مشيرا الى ان الحريري غير قادر على رفض قانون انتخابات يتفق عليه غالبية اللبنانيين.
اما بالنسبة لحديث السيّد عن اللاجئين السوريين، فلم يكن ما ورد بالخطاب جديدا لناحية ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية، ولكن الامر هذه المرة تخطى الكلام العابر ودخل بالتفاصيل حيث ابدى السيد نصر الله استعداد حزب الله لمساعدة الحكومة في هذا الملف بشكل مباشر اذا ما تخلت الحكومة اللبنانية عن المكابرة. من هنا فإن الحوار مع الحكومة السوريّة أصبح حاجة لحل ملفات عديدة وليس فقط ملف النازحين، يقول جواد. ويضيف: "نحن بحاجة لان نتكلم مع الحكومة السوريّة بمئة ملفّ على علاقة بالحدود واللاجئين والاقتصاد والأمن، فكيف يمكن ايجاد الحلول بظل المكابرة الحاصلة اليوم"، مشيرا الى أن مطار القليعات مثلا لا يمكن تشغيله دون موافقة الحكومة السورية لأن الامر يتعلق بأمنهم الوطني.
في المقابل لم يرض الحل الذي طرحه نصر الله فريق 14 اذار، وهذا ما يؤكده ضو، اذ أن استعمال سلاح الحزب في سوريا لن يُترجم سياسيا في لبنان عبر انتزاع اعتراف الحكومة اللبنانية بالنظام السوري. ويقول ضو: "بكل بساطة عندما ذهب حزب الله الى سوريا لم ينتظر استشارة الحكومة، وبالتالي عليه ألاّ ينتظر شيئا لأجل اعادة اللاجئين الى قراهم وخصوصا تلك التي هجّرهم هو منها في منطقة القصير والقلمون"، مشيرا الى ان السلاح وإن لم يُستعمل في الداخل فهذا لا يعني أنه لا يؤثر في الحياة السياسية، والدليل على ذلك هو التسلّح النووي العالمي الذي يعطي نتائج سياسية دون استعماله.
بين من رأى في كلام السيد نصر الله "جواهر" ثمينة يجب الاستفادة منها لتثبيت الاستقرار السياسي، ومن رآه موقفا يزيد الشرخ والتموضعات، ولا يقدم مقاربات تسوويّة بل مقاربات تثبيت موقع حزب الله، يصبح التاريخ حكما يفصل بين الرؤيتين.