عندما غادر الامين العام للحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد الاراضي اللبنانية متوجها الى سوريا بعد "اتفاق سياسي" أدى لإيقاف معارك جبل محسن وباب التبانة، ظن كثيرون أن رحيله سيؤثر على "وجود" الحزب، ولكن الوقائع التي بدأت تتظهّر اليوم اثبتت عكس ذلك، فالتنظيم استمر بنشاطه السياسي رغم الاشهر الصعبة التي مرت عليه.
لم تكن الخطة الامنية التي نُفذت في الشمال سهلة، فقيادات الحزب العربي الديمقراطي تعرضت لكثير من المضايقات، خصوصا بعد أن فرض الوضع الأمني تحوّل الجميع من "السياسة الى العسكر"، فتمت ملاحقة وتوقيف البعض، وغادر بعضهم الأراضي اللبنانية، فأصبح الحزب بمثابة "التنظيم المشبوه" نتيجة الخطة الأمنية المشددة، تقول مصادر مطلعة لـ"النشرة". ازاء هذا الواقع قرر القيمون على الحزب اعادة هيكلته من جديد والتحضير لإطلاق وثيقة سياسية تضم ثوابته اضافة الى برنامجه السياسي.
في هذا السياق يشير القيادي في الحزب العربي الديمقراطي علي فضة الى أن الحزب دأب منذ فترة على عملية اعادة الهيكلة وإشراك كوادر جديدة مثقفة، واستحداث مواقع عمل جديدة حسب الحاجة، وتحويل كل الذين شاركوا سابقا في الأحداث الامنية الى كوادر تنظيمية، بغية الانتقال من المرحلة الامنية السابقة الى مرحلة سياسية جديدة، سيكون للحزب فيها رأيه ورؤيته لكل ما يتعلق بالمواطن اللبناني. ويضيف فضة: "سيكون لدينا مكتبا تنفيذيا يضم 12 عضوا يتم اختيارهم في صندوق الانتخاب، ومكتبا سياسيا يضم 12 عضوا يتم انتخابهم أيضا ومن مختلف الطوائف"، مشيرا الى أن الصورة الجديدة للحزب ستشكل مفاجأة للكثيرين.
أما بالنسبة للأمين العام للحزب رفعت عيد الموجود في سوريا، فتكشف المصادر أنه التزم عدم العودة الى لبنان الا وفق القانون. وتضيف المصادر: "يعلم الجميع أنه خرج لأجل شعبه في جبل محسن وطرابلس، ولكن هذا لا يعني موافقته على الاتهامات التي تُساق بحقه، فمعارك طرابلس لم تكن شأنا شماليا ضيقا، بل كانت مشروعا كبيرا يخص لبنان وقد تداخلت فيه قوى سياسية وشخصيات طرابلسية ولبنانية". وفيما يتعلق بتفجير مسجدي السلام والتقوى فيؤكد فضّة أن القرار الاتهامي الذي صدر عن المحكمة بعد تحقيقات فرع المعلومات لم يأت على ذكر رفعت عيد أو الحزب العربي الديمقراطي في أي كلمة، وبالتالي أثبتت المحكمة براءة الحزب من هذه الجريمة النكراء. ويقول: "اتهمونا في السياسة ونلنا البراءة في القضاء"، مشيرا الى ان محاكمة عيد في أحداث التبانة وجبل محسن تتطلب محاكمة كل السياسيين الذين تدخلوا في معارك طرابلس.
كما كل القوى السياسية في لبنان، دخل الحزب العربي الديمقراطي جو الانتخابات النيابية، وهو الذي يطالب بقانون انتخابي نسبي على اساس لبنان دائرة واحدة، لم يعد رقما سهلا في انتخابات الشمال، فهو بحسب الاحصاءات ضمن المراكز الثلاثة الاولى من حيث القوة الانتخابية. وفيما تكشف المصادر ان رفعت عيد قرر عدم الترشح للانتخابات النيابية بشرط احترام ارادة الكتلة البشرية التي يمثلها، يؤكد فضة أن الحزب ليس بجيب أحد، وهو يمد يده لجميع القوى شرط احترام حضوره الشعبي وهويته السياسية. ويضيف: "سيكون لنا مرشحين في طرابلس وغيرها وهؤلاء سيتم انتخابهم من قبل القاعدة الحزبية، وسنشارك بقوة في تحديد إسم "زعيم" طرابلس السياسي" المقبل، مشددا في رسالة لكل الأطراف التي بدأت "تنظر" نحو جبل محسن، أن الحزب يرفض الاتفاقات التي تُعقد تحت الطاولة، وبالتالي فمن يريد التحالف فليعلن ذلك.
يُتهم الحزب العربي الديمقراطي بأنه حزبا ميليشياويا، ولكن التشكيلات الجديدة ستثبت العكس بحسب المصادر، فالحزب قيّم تجربته السابقة وقرر المضي قدما، فهل ينجح في تثبيت حضوره على الساحة اللبنانية؟.