يحق لنا بأن نفتخر أنّ لدينا رجالاً مثل الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد مغنية. هؤلاء الثلاثة صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الدفاع عن دينهم وأعراضهم ووطنهم وحقهم في الوجود. كان كلّ واحد منهم يسلّم الراية للآخر ويمضي إلى الخلود مطمئناً أنّ ما تمّ إنجازه سيحقق ما حلمت به الأجيال من الكرامة والحرية والاستقلال.
وفي وقت كان زعماء السلطة يتهافتون على أبواب السفارات منبطحين خاضعين خائفين كان القادة الثلاثة يتهافتون على بذل التضحيات والدماء لتغيير المعادلات، وهم بكامل الكبرياء والاعتزاز بالنفس.
كانوا أبصر الناس وأوسعهم إدراكاً وفهماً لطبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلي. خططوا لقيادة المجتمع وبناء المقاومة بلا هواجس ومخاوف أو الإحساس بالعجز أو الشكوى من قلة الموارد والإمكانات. لم يكن شيء من هذه الأمور عائقاً أمام النهوض والعمل للاقتراب من الأهداف وتحقيق المنجزات. وبعد أكثر من خمس وثلاثين سنة لم يتحقق حلم التحرير فقط بل أصبحت المقاومة في موقع مَن يصنع المعادلات على مستوى المنطقة.
المنهج الذي اعتمده القادة الثلاثة بسيط يقوم على القاعدة القرآنية: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم فمن لوازم الدفاع عن الحق ومواجهة الباطل أنّ الله ينصر أولياءَه ويدافع عنهم ويثيبهم أحسن الثواب على جهدهم. فكل مَن يتولَّ الدفاع عن المظلومين والمستضعفين باللسان أو الفكر أو السلاح، فإن الله حتماً سيعينه وينصره، وهذا التاريخ أمامنا نستطيع أن نعيد قراءَته لنعرف أنّ عمر الطغاة قصير وأنّ أعتى الجبابرة سحقته أقدام المقاومين.
ما زالت في بالي عبارات خالدة للشهداء القادة يجب أن تكتب بماء الذهب. الأولى للشيخ راغب حرب عندما قال: «الموقف سلاح والمصافحة اعتراف». فهو أبى أن يخضع ويستسلم للعدو رغم شدّة الظروف آنذاك.
والثانية للسيد عباس الموسوي الذي قال: «الوصية الأساس حفظ المقاومة»، لأنّه لا يمكن أن نتغلّب على الغزاة الصهاينة ولا يمكن أن نزيل إسرائيل من الوجود إلا من خلال هذه الوسيلة الشريفة.
والثالثة للحاج عماد مغنية الذي قال: «الهدف واضح ودقيق إزالة إسرائيل من الوجود». وهذا يعني أن لا شك في هذه اللحظة، وفي هذا الاستحقاق المقبل، طالما نحن نملك اليقين والإرادة والإيمان الراسخ. وبإمكاننا جميعاً أن نؤمن بهذه الحقيقة ونصل إلى هذا الهدف من خلال العمل والمثابرة بجدّ واجتهاد لا تضعفنا لا تهديدات العدو في الخارج ولا مشاغلات الخصوم في الداخل.
لقد مال البعض في لبنان، وسقط البعض الآخر، وما زال يعاند قسم يريد نزع سلاح المقاومة. متغافلاً عن أساس الشرّ ومصدر الظلم في المنطقة، وهو هذا الكيان السرطاني الذي يهدّد كلّ يوم بتدمير لبنان على قاطنيه. اليوم مع الشهداء القادة ومع هذه الكوكبة المضيئة من الشهداء، لم نعد نخاف على لبنان بل مَنْ يجب أن يخاف هم الصهاينة الذين قال لهم الأمين العام لحزب الله: «إنّ دمّ عماد مغنية سيخرجهم من الوجود». ونحن نثق بهذا الكلام الصادق وندرك أن تلك اللحظة آتية حتماً وأن رجال الله سيدخلون إلى تلك البقعة محرّرين ومنتصرين.