لم تكن منال تعاني من خلل صحي في نظام طعامها، فكل شيء كان طبيعيا الى أن بدأ اهلها يلاحظون انخفاض كمية الطعام التي تاكله. لم تعد الامور على ما يرام بالنسبة لابنة العشرين عاما، اذ بدأت تخسر الكثير من وزنها لدرجة انّ نحافتها اصبحت غير طبيعيّة، وعظامها ظاهرة للعيان. بعد الاستشارة الطبية تبين ان منال تعاني من "الأنوركسيا".
التعريف والأسباب
"الأنوركسيا" هو أحد أنواع إضطرابات الشهيّة للأكل، وتتميز هذه الإضطرابات بتغييرات خطيرة في سلوك الطعام. تُعرف "الانوركسيا" برفض الشّخص المصاب بها بالثبات على الوزن الطبيعيّ، فيفقد المريض السيّطرة على الموضوع ويتحوّل الامر إلى نحافة مرضيّة، ورغم ذلك تظلّ صورة وزنه بالنسبة له غير مرضية ويسعى لخسارة المزيد، ويعيش بخوف دائم من إكتساب الوزن.
إنّ هذا الاضطراب يصيب 9 إناث مقابل ذكر واحد ونسبة الوفاة كل سنة هي 4 بالمئة من المصابين به، فكيف تتمّ إذاً الإصابة بهذا الإضطراب؟!.
بداية يشكل الضّغط الإجتماعي عنصرا اساسيا في الاصابة بهذا المرض، اذ قد يتعرّض الشّخص بسبب وزنه إلى السّخرية وإلى ملاحظات غير سارّة من المحيط (العائلة، زملاء الصّف في المدرسة او الجامعة، الاساتذة ...)، كما انّ قراءة بعض المقالات المتعلقة بالنّحافة والنّظام الغذائي وسلبيّات إكتساب الوزن قد تؤثّر بشكل كبير على القارىء، خصوصا عندما يلجأ البعض للبحث على الإنترنت عن عارضة أزياء معروفة او فنّانات وممثّلات، أو عن إمرأة ذو قوام كامل للتّشبّه بهنّ. ومن الممكن ان يأخذ البعض بنصائح الاصدقاء او الأقرباء للجوء إلى نظام غذائي معيّن دون إستشارة شخص مختصّ في هذا المجال، وهذا قد يسبب أيضا الاصابة بهذا المرض.
ومن الأسباب أيضا "التعرّض لمرضٍ ما"، وفي هذه الحالة تكون خسارة الوزن غير إراديّة، ومن المحتمل أن تكون الإصابة بالإكتئاب سببا لفقدان الشهيّة، او الإصابة بمرض معدٍ، او قد يتعرّض المريض لحادثٍ ما منعه من تناول الطّعام بشكل ملائم.
بالاضافة الى ذلك قد يكون "الإقتناع بمعتقدات خاطئة" سببا في "الانوركسيا" بحيث تتكّون للشّخص صورة خاطئة عن نفسه في خياله، ويجد نفسه دائماً بوزن زائد عمّا هو في الواقع، وهذا الإضطراب والإعتقاد يستمرّ حتّى خلال فترة النّحافة المرضيّة.
يعيش مريض "الأنوركسيا" في خوف لا يستطيع التّحكّم به تجاه إكتساب الوزن ممّا يدفع الفتاة عادة إلى مراقبة وزنها أكثر من مرّة في اليوم الواحد والبحث عن ارتداء ملابس بمقاس اقلّ من مقاسها الواقعي، كما انّ المصاب بهذا الإضطراب يعيش في هوسٍ تجمّع الّدهون في الجسم، خصوصًا حول منطقة الفخذ والحوض. ومن إحدى القناعات التّي يتميّز بها المريض هي اليقين بأنّ النحّافة تعدّ ورقة رابحة في المجال المهني.
النتائج والعلاج
إن هذا الإضطراب يمكن أن يؤثّر على الشّخص المصاب به بحالات عديدة، منها التسبّب بالكآبة، الإنطواء على الذّات، إضطرابات في النّوم، أفكار وسواسيّة، تغيّرات في المشاعر والعواطف، صعوبة في التّركيز، مخاوف غذائيّة، تدهور في القدرات الذّهنيّة، تساقط الشّعر بشكل كثيف، تغيّرات في الهرمونات وترقّق في العظام، فقر الدّم وعدم إنتظام دقّات القلب، وتوقّف الدّورة الشهريّة.
إن علاج "الأنوركسيا" يتطلب تضافر جهود عدد من المعالجين، فالطاقم الطبي المُناط به معالجة هذا النوع من الأمراض يتكون من معالج نفسي، اخصّائيّة غذائيّة، طبيب معالج، وطبيب مختصّ بالامراض الداخليّة. كذلك إن الدّعم الإجتماعي والنفسي للمريض مهمّ جداً لذلك تتمّ مرافقة الاهل لتوعيتهم على طريقة معاملته ومساعدته.
أخصّائيّة في علم النفس العيادي