لم يعد خافياً على أحد أن في الكواليس السياسية مشروع عفو عام يتمّ التحضير له على أعلى المستويات، من رئاسة الجمهورية نزولاً الى الوزارات المعنية، فالسلطات القضائية كافة. ولم يعد خافياً على أحد أن مشروع العفو الذي يريده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يدرس بدقة وإحتراف قضائي، كل ملفّ يُعطى العناية الفائقة وذلك بهدف التوصل الى الإجابة عن السؤال الذي يطرحه أي لبناني يسمع بمشروع العفو هذا. سؤال "من هم المجرمون الذين سيستفيدون من هذا العفو في حال صدوره"؟.
وزير العدل سليم جريصاتي وبتوجيهات من رئيس الجمهورية، وضع مشروع العفو على نار حامية، وهنا تشير المعلومات الى طلبه من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمّود جدولة الملفات وفرزها لدراستها على أعلى المستويات القضائية وإصدار اللائحة التي ستستفيد من العفو، إنطلاقاً من قواعد ومعايير ثابتة لا يمكن المسّ بها. وفي المعلومات، يكشف المتابعون لهذا المشروع، أن ما من إرهابي واحد، موقوفاً كان أم فاراً من وجه العدالة، سيشمله العفو العام، وفي هذا السياق ينفي مصدر قضائي رفيع نفياً قاطعاً ما تردد في الآونة الأخيرة عن أن موقوفي فتح الإسلام الذين إرتكبوا ما إرتكبوه بحق الجيش في مخيم نهر البارد، سيكونون من ضمن المشمولين بالعفو، على اعتبار أن جريمتهم إرتكبت قبل العام 2011، ويضيف المصدر القضائي، "لا فرق بين إرهابي وآخر، فالإرهاب إرهاب، أكان مرتكباً قبل بدء الحرب السوريّة أم بعدها، أكان في زمن التنظيمين الارهابيين "داعش" و"جبهة النصرة" أو في زمن تنظيم "القاعدة" و"فتح الإسلام"، فمن قتل عناصر الجيش وضباطه، هو مجرم لا يمكن أن يشمله عفو من المرتقب صدوره في عهد رئيس للجمهورية سبق أن تولى قيادة الجيش".
من يستفيد من هذا العفو، بحسب المصادر المتابعة، هم الشبان الموقوفون أو الملاحقون بسبب مشاركتهم في جولات القتال بين جبل محسن وباب التبانه على إعتبار أن هؤلاء غُرر بهم، سياسياً. من يستفيد من العفو، هم الموقوفون أو الملاحقون بجرم تعاطي المخدرات، على إعتبار أن هؤلاء يجب أن يُصنّفوا ضمن خانة المرضى وبالتالي يجب أن يخضعوا للعلاج اللازم كي يعودوا للانخراط في المجتمع.
في المقابل، لن يستفيد من هذا العفو الموقوفون أو الملاحقون بجرائم قتل، كذلك بالنسبة الى مصنّعي المخدرات وحبوب الكابتاغون وتجّارها على إعتبار أن هؤلاء هم من بين المجرمين الأخطر على المجتمع. لن يستفيد من العفو العام، كل من قاتل الجيش اللبناني أو اعتدى على دورياته ومراكزه، ولن يستفيد من هذا العفو أيضاً من تورّط بالتفجيرات الإرهابية، وكذلك عصابات الخطف مقابل الفدية. أما سارقو السيارات وعصابات السلب، فلم يعرف مصيرهم بعد، وما إذا كانت اللجان التي تدرس ملفات العفو، ستضمهم الى خانة المعفيين أم لا.
إذاً وضع قانون العفو العام على نار حامية، وفي حال تم اقراره، سيخفف بالتأكيد نسبة الإكتظاظ في السجون، لا سيما في سجن رومية المركزي، وسيعكس أكثر فأكثر جو التفاهم الذي ساد في لبنان بعد الانتخابات الرئاسيّة وما تلاها على صعيد تشكيل الحكومة والبيان الوزاري.