في زمن الصوم الكبير، يعتبر البعض انه زمن للألم والتألم واغراق النفس بالاحزان، وقد يصل البعض في تحوير المفهوم عن معناه الحقيقي الى درجة اليأس. ليس الصوم باباً لليأس والحزن، قد يكون باباً للألم، انما وفق المفهوم الصحيح، أي ألم الندامة بسبب معاصينا وخطايانا التي تجعلنا نعيش في عام بعيد عن الله. والندم هو عنصر قوة على عكس ما يعتقد البعض، لانه يشكل حافزاً لنا كي لا نقع في الخطيئة مجدداً ونتفادى بالتالي الألم، والطريقة الافضل للوصول الى هذا الهدف هو بالصلاة والايمان والاعمال الحسنة تجاه الله والناس. هذا ما يضعه الصوم أمامنا كل عام، وما تدعونا اليه الكنيسة كل عام، لئلاّ يكون محطة زمنية عابرة تنتهي معها العزيمة والارادة القوية وجرعة الايمان الزائدة مع حلول يوم احد القيامة.
كلنا مدعوون للصوم، كل بحسب قدراته واهدافه التي يحددها مع الله بالصلاة. ان كل انسان يعرف ما يعاني من ضعف، وليس لاحد ان يحدد للآخر اهداف صيامه، او ان يدينه على ما ينجح او يفشل فيه، فالله وحده الذي يعرف ما يحصل علناً وفي الخفية، وهو الذي يجازي.
عبرة قيّمة يعرفها الانسان من خلال خبرته في زمن الصوم، وهي انه عندما يصوم الانسان من اجل الله، فكل ما يفعله يكون ضمن الاطر الصائبة لانها مستمدّة من توصيات تركها لنا السيد المسيح لنعمل بها، اما عندما يصوم الانسان من اجل نفسه فقط، فعندها تكون المصيبة لأن ما يفعله يكون ضمن أطر وضعها ليرتاح ولذلك تراه مهموماً وقلقاً ومتعباً.
لقد اخذ الله بتجسد ابنه على الارض، ما لنا من خطايا تثقلنا، واعطانا ما لديه من نِعم وراحة ومحبة، وزمن الصوم هو الامثل لنجسد عطايا الهنا لنا التي يجب ان ترافقنا كل أيّام حياتنا وليس لفترة محددة فقط.