ان اختلاف طبيعة الأطفال لا تعني بالضرورة أن خللا معينا يصيبهم، ولكن في بعض الحالات قد يصبح الاختلاف مرضا ينبغي متابعته، فالخلل الإنمائيّ الذي يبدأ لدى الطفل ما قبل عمر الثلاث سنوات، هو التوّحد.
يصيب "التوحد" في آنٍ واحد التّفاعل الإجتماعيّ، التّواصل اللفّظي وغير اللفظي، التصرّفات مع إيماءات متكرّرة نمطيّة، وإهتمامات محدودة.
الأنواع والعوارض
هناك عدّة أنواع لمرض التوحد، فبداية لدينا التوحد النموذجي ويصبح واضحاً بحدود عمر السنتين والثلاث سنوات، ويتميز بالاعراض التّالية: أولا إضطرابات الإتصال أي التّغيّرات في التّفاعل الإجتماعي والتي تؤدي إلى العزلة، تجنّب التّواصل البصريّ، عدم وجود تعابير في الوجه، عدم التّواصل مع الآخر، غياب التعبير عن المتعة او مشاركة إهتماماتٍ ما، استخدام الآخر كجزء من الذّات.
ثانيا، إضطرابات في التّواصل واللّغة، وهنا لا تظهر اللغّة في العمر المعتاد ولكن حين تظهر، نلاحظ الميزات التّالية: لفظ صدويّ أي يكرر الطفل آخر كلمة من الجملة بلفظ صدويّ واحياناً الجملة كاملة، عكس في الضّمير أثناء الكلام، تركيبة الجملة ضعيفة ، عدم التّعبير عن المشاعر، مستوى فهم اللّغة مرتفع بالنّسبة لمستوى التّعبير.
ثالثا، ردّات فعل غريبة وإهتمامات محدودة، وفي هذا السياق تظهر ردّات الفعل التي تدلّ على القلق والعدوانيّة في الحالات التّالية: تغيّرات في المحيط، في حال حدثت مفاجأة ما، جرّاء إحباط ما، أو منع عن شيءٍ ما، محاولة ملحّة من قبل شخص بالغ للدّخول في تواصلٍ معه.
رابعا، محاور الإهتمامات محدودة ونمطيّة تجاه عادات الحركة أو أغراض غريبة، وهنا تكون التصرفات كالتالي: ميل إلى حركة نمطيّة متكرّرة، إستعمال أغراض معيّنة ومحدّدة، إهتمام بنصف معيّن للأغراض، لا يوجد او أحياناً يتواجد ولكن بنسبة منخفضة ألعاب رمزيّة ، ألعاب التّقليد، ألعاب تتضمّن مواقف إجتماعيّة عاديّة.
خامسا، التعديل الحسيّ، وهنا نلاحظ إمّا إنخفاض أو إرتفاع في التّفاعليّة للحوافز الحسيّة، تحريك الغرض بشكلٍ مستدير، التّأرجح، تصفيق اليدين، الدّوران، إصدار اصوات من خلال الفم والحنجرة. ولكن من الممكن ملاحظة العكس تماماً، اي نجد لا مبالاة تجاه العالم الصّوتي وتحديداً الضوضاء الإجتماعية وإهتمام لضوضاء أو أصوات معيّنة، وقد تكون بعض الاصوات تصيب الولد بالفزغ والهلع.
سادسا، الحركة من الممكن أن تكون محدودة وأن تكون زائدة من دون توقّف.
سابعا، الخلل في الوظائف العقليّة، ففي الكثير من الاحيان تكون منخفضة، بينما الأداء البصري المكاني والحفظ في الإجمال أفضل، مع الاشارة الى ان الاكثريّة تقدّم معدّل ذكاء أدنى من 55، حتّى لو أنّ البعض منهم يظهر معدّل ذكاء طبيعي.
اما النوع الثاني للتوحد فهو "التوّحد غير المصنّف"، وهو يظهر بعد عمر الثلاث سنوات ويتميّز بغياب إحدى الاعراض الثلاث الاساسيّة: التّفاعل الإجتماعي، التّواصل اللفّظي وغير اللفظيّ والتصرّفات المحدودة ، المتكرّرة والنمطيّة.
والنوع الثالث هو "متلازمة اسبرجر"، ويُظهر المصابون بهذا المرض صعوبات كبيرة في تفاعلهم الإجتماعي مع الآخرين، كما انّ هناك ضعف في التّواصل الحسي وصعوبة في التواصل البصري، ويتميّز بغياب اي خلل او تأخير في اللّغة أو التّطوّر المعرفي.
العلاج
إنّ الطّفل المصاب بالتوحدّ بحاجة إلى متابعة نفسيّة مع معالج نفسيّ الذي بدوره يرافق العائلة ويرشدها لمعرفة كيفيّة التصرّف مع الولد وبهذه الطريقة يصبح باستطاعة الأهل التّواصل معه.
كما أن المعالجة تتمّ ايضاً عن طريق الأدوية تحت إشراف الطّبيب المختصّ، ومن المهمّ جداً أن يتابع الطفّل دراسته بشكل طبيعي في مدرسة عاديّة ويمكن الإستعانة بمساعدة تبقى بجانبه خلال نهاره الدّراسي.
أخصّائيّة في علم النفس العيادي
