من المؤكد أنّ الـ "لا ثقة" بطبقة سياسية، تراود جمهور سلسلة الرتب والرواتب. يقف العسكريون في محيط ساحة النجمة متأهّبين وسلاحُهم بيد وقلبُ كلٍّ منهم في يده الأخرى. ينتظر هؤلاء تسرُّب الدخان الأبيض من القاعة العامة. يأمل المتأهّبون بسلاحهم لحماية أصحاب المعالي والسعادة، أن يحملوا إليهم أخباراً سارة. يسألون الصحافيين عند دخولهم وخروجهم عن مآل "السلسلة".. لكن سرعان ما يسقط في أيديهم سرابُ السلسلة!

يدرك العسكريون كما الأساتذة والإداريون أنّ ما يجري بين السراي والبرلمان لا يتعدّى (حتى الآن) تقاذف الكرة المالية لتجنّب تبعاتها. طُيّرت السلسلة إلى البرلمان، فمجلس الوزراء رغب بتوريط كلّ من يحاول أن يلقي العبء على الحكومة.

قد تخرج السلسلة من اللجان المشتركة، لكن هل تقرّ في الهيئة العامة في جلسة الخامس عشر من الشهر الحالي؟ لا مؤشرات توحي بذلك حتى الساعة. كلّ ما يجري لا يتعدّى المزايدات.

الثابت الوحيد أن لا مفعول رجعيّ للسلسلة. شرح وزير المال علي حسن خليل مطوّلاً خلال اجتماع اللجان المشتركة، برئاسة النائب فريد مكاري، أنّ السلسلة إذا اتفق عليها فسوف تقرّ من لحظة صدور القانون، فإمكانات الدولة لا تتيح أن يكون لها أيّ مفعول رجعي.

عقد خليل مساء أمس اجتماعاً في وزارة المال، ضمّ النواب: ابراهيم كنعان، جورج عدوان، علي فياض، جمال الجراح، ياسين جابر وأكرم شهيّب.

بحسب مصادر المجتمعين، اتسم النقاش بالإيجابية. نوقشت السلسلة بأكملها. (سلسلة الإداريين والمعلمين والأسلاك العسكرية). قطع البحث المطوّل شوطاً بعيداً في إدخال تعديلات على الجداول الموضوعة، آخذاً بعين الاعتبار إمكانات الدولة والمطالب العادلة. جاءت التعديلات مزيجاً من صيغة لجنة عدوان، ولجنة كنعان، وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي على ضوء إعادة تأهيل السلسلة خاصة أنّ هناك تغيّرات لناحية زيادة عديد الجيش وتناقص أعداد المعلمين، على عكس ما يُقال إنّ عدد الأساتذة إلى ارتفاع، إذ إنّ العدد، بحسب وزير التربية مروان حمادة نقص 3 آلاف من 2013 لغاية الآن.

يضع وزير المال اليوم على طاولة اللجان المشتركة الجداول الجديدة لاستكمال البحث، لا سيما أنّ نقاشات يوم أمس، علّقت البحث بالمادة 2 المتعلّقة بالجداول حول عدد الموظفين وكلفتهم، والمادة 8 المتعلقة بالدرجات الأربع التي تُعطى للموظفين الإداريين، وذلك بسبب طلب ممثل السلك العسكري في اللجنة إعطاء الدرجات للعسكريين.

وصل النقاش أمس إلى المادة 22. تركّز البحث حول بعض الإصلاحات. أخذت المادتان 21 و 22 الحيّز الأكبر من المداولات. تتعلق المادة 21 بتوقف التوظيف أو الاستخدام في مختلف الإدارات العامة والمؤسسات العامة والهيئات والمجالس المنشأة بقوانين خاصة، بشتى الأشكال لمدة سنتين حتى إنجاز الوزارات مسحاً شاملاً لعديد الموظفين لملاكاتها والفراغات والحاجات القائمة. طُرحت أفكار دعت إلى إعادة توصيف الوظائف في الدولة. بعد نقاش تمّ الاتفاق على أن تتضمّن المادة 21 بند توصيف الوظائف من دون أن يعتبر هذا البند شرطاً مرتبطاً بمسألة التوظيف أو إيقاف التوظيف أو إعادة التوظيف.

أما المادة 22 فتتعلّق بتوقف التوظيف والتعاقد في القطاع التعليمي، وذلك بمختلف مستوياته واختصاصاته لمدة سنة حتى إنجاز مسح شامل لمختلف المدارس والثانويات والمعاهد وأعداد الأساتذة والمعلمين والمدرّسين والمتعاقدين وتبيان الحاجة الفعلية والفائض من كلّ اختصاص، وبحسب المناطق والكلفة الحالية والمستقبلية للموارد البشرية. تمّ التأكيد أنّ الوظائف التي أُجريت لها مباريات سابقاً تبقى سارية، والتوظيفات التي اتُخذت بها قرارات في مجلس الوزراء أيضاً تبقى سارية، والحالات الاضطرارية التي يتوقف عليها استمرار العمل يقرّر مجلس الوزراء إجراءها.

طُرحت أسئلة خلال الجلسة حول هل يصحّ أن يتوقف التوظيف والتعاقد كلياً في الإدارات والمؤسسات التربوية وغيرها؟

لجأ أعضاء اللجان المشتركة إلى "التضييق" في إمكانية التوظيف لكنّهم لم يقفلوا الباب كلياً. إذ بات تعاقد الإداريين والمعلمين وتوظيفهم خاضعَين لشروط الاضطرار ولقرار من مجلس الوزراء.