التعيينات العسكرية والأمنية وفي الجمارك مهمة، لكن ما ينتظره اللبنانيون أكثر من ذلك، وبالأهمية ذاتها، هو التعيينات وملء الشواغر في الهيئات الرقابية:

من التفتيش المركزي، إلى مجلس الخدمة المدنية، إلى ديوان المحاسبة، إلى النيابة العامة المالية، إلى المجلس الدستوري، إلى التشكيلات القضائية التي يُفترض أن تضخَّ دماً جديداً في النيابات العامة وقضاة التحقيق.

بعض هذه الإدارات شبه مكتمل، بعضها الآخر بحاجة إلى ملء بعض الشواغر فيه، بعضها الثالث معطَّل كلياً. عملياً، لا انطلاقة حقيقية للعهد قضائياً وعلى مستوى المحاسبة، من دون تعبئة هذا الجسم الذي ما انهارت الدولة إلا حين بدأ بالتصدع فالإنهيار.

ولهذه الأسباب فإنَّ سلة التعيينات ستنطلق ومن أبرزها تعيين رئيس لهيئة التفتيش المركزي، وكذلك تعيين رئيس هيئة التفتيش القضائي. أما بالنسبة إلى مديرية الجمارك فإنَّه تمَّ حسم إسم بدري ضاهر، وهو مسؤولٌ في جمارك المرفأ، ليكون مديراً عاماً للجمارك خلفاً للمدير العام شفيق مرعي، مع تعيين عضوين جديدين في المجلس الأعلى للجمارك. القاضي بركان سعد رئيساً لهيئة التفتيش القضائي وهو الآتي من محكمة التمييز.

***

أهمية الإصلاح، الذي لم يبدأ عملياً بعد، أنَّه المدخل الوحيد إلى إعادة بناء البلد:

الإعمار مهم، لكن ثبت أنَّ الإعمار مع الإبقاء على إدارة فاسدة، من شأنه أن يطيح إنجازات الإعمار، تماماً كما حصل في أكثر من موقع.

الإستقرار مهم، لكن ثبت أنَّ الإستقرار من دون وجود إدارة كفوءة، من شأنه أن يجعله استقراراً هشاً.

هل سأل أحد من المسؤولين نفسه:

لماذا المنظمات الدولية تسلِّم المساعدات للمعنيين مباشرةً بالنازحين السوريين ولا تمرُّ بالإدارات اللبنانية؟

لأنها اكتشفت، من خلال تقارير موثَّقة أنَّ بعض هذه الإدارات تختلس هذه المساعدات.

***

إنَّ ما حصل ويحصل حتى الآن، ليس إصلاحاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، فلا معايير موضوعة بل تقارير يتمُّ الإستناد إليها، وهناك فارق كبير بين المعايير والتقارير، فالمعايير توضَع وفق قوانين وتتم العودة إليها، أما التقارير فتوضَع غب الطلب وأحياناً تكون كيدية للإنتقام من شخصٍ معيّن.

***

إنَّ الإصلاح الحقيقي لا يُغلق ملفاً إلا بعد أن ينجزه إنجازاً كاملاً، فهل هذا ما حاصل اليوم؟

الناس يسمعون كثيراً عن هذا المرتشي أو هذا الفاسد في هذه الإدارة أو تلك، فماذا تكون النتيجة؟

هل أُوقفَ مرتشٍ؟

هل أُوقفَ راشٍ؟

حين تكون الأمور مبنية على معايير تكون المحاسبة أسهل، لكن حين يُطوى الملف فهذا يعني أنَّ هناك تكاسلاً في السير في الملفات إلى النهاية.

***

من باب الحرص على نجاح عهد الرئيسين ميشال عون - الحريري، فالناس لم يعودوا يستطيعون تحمل التجارب والإختبارات، لقد اكتووا بنار التجارب على مدى ربع قرن، فالعهد وعد الناس بمحاربة الهدر والفساد.