مئات المقالع والكسارات المنتشرة في جرود بلدة عرسال نظراً للطبيعة الصخرية لهذه البلدة، متوقّفة عن العمل منذ بداية الأزمة السورية. ومع انتقال الاقتتال الى البلدات السوريّة الحدودية مع لبنان، ومع دخول هؤلاء الارهابيين إلى الجرود اللبنانية، باتت هذه المقالع والكسارات بعيدة عن متناول يد أصحابها.
عدد من الضحايا سقطوا خلال عملية بحثهم عن لقمة عيشهم في هذه المقالع، إلى أن منع الجيش اللبناني كلياً مرور أي مدني من هذه الجرود، وأصبحت هذه المقالع والكسارات منسيّة. وخلقت هذه الأزمة أزمة أخرى أكثر فتكاً، وهي أزمة البطالة في البلدة البقاعية.
"وضع عرسال اليوم استثنائي وبحاجة إلى خطة طارئة لانقاذ المواطنين"، تشدد عضو المجلس البلدي في عرسال ريما كرنبي في حديث لـ"النشرة"، مشيرة إلى أن "مصالح العاملين في قطاع الكسارات والمناشر (المكان الذي يتم فيه نشر الصخر وجعله جاهزاً لاستخدامه في البناء والتلبيس) توقفت منذ أكثر من أربع سنوات".
وفي دراسة قامت بها الجمعيات الأهلية والمدنية في البلدة عن تعداد الاضرار الناتجة عن الازمة السورية على اليد العاملة في البلدة نتيجة الحصار المفروض عليها، تظهر أرقاما كبيرة من العاطلين عن العمل اضافة الى عدد كبير من الاشخاص الذين خسروا عملهم.
ما يقارب الـ4200 عامل يتوزعون على أكثر من 300 منشر حجري في جرود عرسال، يعيشون اليوم دون عمل. فتوضح الدراسة أن 200 منشرة توقفت عن العمل، و100 أخرى تعمل ضمن دوام جزئي، وكل واحد فيها ما يقارب الـ14 عاملاً، ومعدل الراتب اليومي للعامل هو 25 دولارا، لفترة تقارب الـ250 يوماً في السنة. وبالتالي فإن الخسارة السنوية لهؤلاء المناشر قد وصلت إلى 23.200 مليون دولار، دون ايجاد اي حلول لها.
وعلى صعيد المقالع في جرود البلدة، وهي التي تبيع الصخر الكبير للمناشر والذي يستخدم كمواد أولية، فيبلغ عددها التقريبي 200 مقلعا. وكل واحد منها بحاجة الى 6 عمال تبلغ أجرة الواحد منهم يوميًّا 40 دولارا، اضافة لحاجة المقلع إلى شاحنات وسائقين لها.
وبالتالي، ما يقارب الـ6000 عامل يعيشون اليوم دون عمل يؤمّن لهم القوت اليومي منذ بداية الأزمة، ويعتمدون على ما كانوا قد ادّخروه في "سنوات العز"، وبعد انتهاء حصاد تعبهم، بدأوا يبيعون مقتنيات منازلهم من ذهب وسيارات، الى أن وصل بهم الحال إلى بيع الأراضي التي يمتلكونها في البلدة.
وتوضح كرنبي أن "الدولة حتى اليوم لم تحاول معالجة هذه النقاط أو النظر فيها"، مشيرة إلى أن "الحل يكمن في مساعدة الناس للوصول إلى مقالع الحجر والمناشر واعادة الحركة الاقتصادية في البلدة كي لا نصل إلى تفاقم الأزمة".
منسية هي عرسال، الإرهاب يضربها من جهة، والاوضاع المعيشية الصعبة تأكل من سكّانها من جهة أخرى، دون وجود أي حلول ينهض بالمجتمع العرسالي من قعر الأزمات المتتالية.