جولة من جولات المخاض حول القانون الانتخابي أطلقها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس. يسجل لوزير الخارجية أنه يسعى لإقرار قانون انتخابي جديد. فإثارة النقاش وحدها حول القانون الانتخابي تضفي حيوية على المشهد وتظهر أنّ الأمور ليست مستكينة أو نائمة.
ما يميّز الوزير العوني عن القوى السياسية الأخرى المترصّدة له أنّ لديه جرأة المحاولة بطرح مبادرات. مبادرات تفشل، الواحدة تلو الأخرى، لكنها تبلور وقائع ستصبح حاكمة من الصعب تجاوزها.
كلّ الصيغ التي قدّمت لا توحي بقرب خروج المولود الانتخابي للحياة. أثبتت التجارب الماضية أنّ نيات غالبية المكوّنات السياسية العودة إلى القانون النافذ، أو التمديد الطويل. ساهمت محاولات باسيل حتى الساعة في دفن «الستين» وتظهيره مرذولاً، ونسف التمديد غير التقني، والابتعاد أيضاً عن طرح الفراغ المرفوض من الأفرقاء السياسيين من فريقي 8 و14 آذار لكونه يمسّ بالنظام البرلماني.
ما يطرح من نقاش سيساهم في جوجلة وقائع معينة ستبلور مناخات لتأتي اللحظة الملكوتية وتنزل على البرلمان قانوناً انتخابياً جديداً. قانون قد يكون من خارج سياق الصيغ المطروحة وفق النسبية الكاملة.
استمع الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى الصيغة «الباسيلية» بخطوطها العريضة، وحين يطّلع على تفاصيلها سيعلن الموقف الرسمي، لكن «القومي»، كما يقول عضو المجلس الأعلى في الحزب النائب أسعد حردان لـ «البناء» متمسّك من حيث المبدأ بكلّ قانون يجمع ولا يفرّق بين اللبنانيين.
قناعة حردان أنّ ما يجمع هو قانون انتخابي على أساس الدائرة الواحدة والنسبية وخارج القيد الطائفي، بما يعزز المواطنة ويحقق المساواة وصحة التمثيل. هذا المسار هو بداية الإصلاح السياسي. نريد أن نخطو إلى الأمام وليس التراجع إلى الوراء. نحن مع قانون انتخابي يؤدّي إلى قيام مجلس نيابي لا طائفي وإنشاء مجلس للشيوخ، تنفيذاً لما نصّ عليه اتفاق الطائف.
كلّ القوى السياسية، بحسب حردان، تُعلن أنّها تسعى إلى قانون انتخابي يحظى بتأييد واسع، لكن أيّ قانون يبتعد عن روحية الوحدة الوطنية ولا يعززها، هو مغامرة ليس إلا.
يرفض «القومي» اقتراحات المختلط. معظم القوى، بحسب رئيسه السابق، تحمل مقصاً ومازورة وتفصل القانون وفق مصالحها، ولأنّ المصالح متناقضة فهي تصل إلى طريق مسدود، بينما من البديهي أن تُعتمد معايير موحّدة في لبنان، لا قوانين مركبة.
لا يجوز، تجيير البلد لأيّ طرف سياسي. يجب على المكوّنات أن تساهم في عملية استنهاض البلد. هذا ما يشدّد عليه حردان. فالكلّ يدرك حجم الضرر من انهيار المؤسسات، فكيف بالمجلس النيابي أمّ المؤسسات ونقطة الانطلاق للإصلاحات السياسية.
يفرض الواجب على الفرقاء السياسيين، بحسب رئيس الكتلة القومية، التعاطي بجدية والذهاب إلى قانون عادل يُنصف اللبنانيين ويعزز الوحدة الوطنية بمواجهة مشاريع التفتيت الطائفي والمذهبي التي تستهدف المنطقة كلها.
وفق حردان، أيّ قانون مذهبي ـ طائفي يدخل البلد والناس في نفق مظلم يُرسم لهذه المنطقة، لذا على القوى السياسية كلها أن يكون موقفها واحداً موحداً وأن تنصبّ جهودها كلها لإقرار قانون انتخابي يوحد بين اللبنانيين.
وفي ضوء هذا المشهد، يؤكد حردان أنّ الحزب القومي لا يؤمن بالفراغ، ولن يقبل بقانون الستين ولا بالتمديد. فنحن مع إرادة وطنية تتحمّل مسؤولياتها في بلورة قانون انتخابي يحقق صحة التمثيل، وكلّ كلام آخر وقوع في المحظور.