لم تعد أزمة ​النفايات​ في لبنان حديثة العهد أو من الامور التي يمكن أن تدهش اللبنانيين، اذ ان هذه القضية تحولت مرضا مزمنا على أرصفة طرقاتهم، وفي كلّ مرّة يستبشرون خيراً بقرب إنتهاء هذه الأزمة البيئية والسياسية يجدون أن هناك ما هو جديد ينتظرهم!

من يقصد الطريق الرئيسية من الصالومي بإتجاه نهر الموت فجل الديب لا يمكنه إلا أن يشتمّ رائحة كريهة يصعب تحمّلها، فيظنّ بدايةً أنها روائح الصرف الصحّي، ولكن عندما يقصد مجمع "السيتي مول" وجسره يظهر أمامه مشهدا يجعله يعرف أسباب الروائح، هو مشهد رمي القُمامة على الشاطئ الرملي خلف المجمع التجاري، فما الذي يحصل هناك؟!.

من يسعى لفهم ما يجري في تلك النقطة عليه العودة الى الخطة التي طرحها وزير الزراعة أكرم شهيب والتي أقرت سابقاً في مجلس الوزراء. وهنا تشرح مصادر مطلعة عبر "النشرة" "إن عملية ردم ساحل المتن مقسّمة الى شقّين، الاول له علاقة بالجديدة، وتحديداً مكان رمي النفايات فيها على شاطئ البحر والثاني له علاقة ببرج حمود قبالة المكبّ والفاصل بينهما هو خطوط الغاز والنفط".

"عملية رمي النفايات على ساحل المتن تجري بالتوازي بالموقعين". هذا ما تؤكده المصادر، لافتةً الى أن "مشروع سوليدير 3 والذي كانت "النشرة" قد تحدثت عنه سابقاً قد بدأت تظهر معالمه على ساحل المتن حالياً، إذ إن عملية تشييد الحائط البحري قبالة مكبّ برج حمود قد بدأت، وكذلك في الموقع الآخر على الشاطئ قبالة منطقة الجديدة"، داعيةً الى "العودة بالذاكرة الى فضيحة معالجة جبل النفايات في صيدا وتشييد الحائط البحري هناك بالتعاون مع UNDP وعملية ردم البحر بعدها ليصبح فيما بعد ما اطلح على تسميته بمشروع "سوليدير 2".

"النشرة" اتصلت برئيس ​بلدية الجديدة​-البوشرية، السيّد أنطوان جبارة، الذي يؤكد أن "القُمامة التي ترمى على شاطئ البحر مصدرها جبل النفايات في برج حمود وهي موجودة فيه منذ أكثر من أربعين عاماً وبالتالي لا رائحة لها"، مشدداً على "وجود مهندسين من قبل البلدية يراقبون الاعمال ويعطوننا التقارير". ولكن المشكلة الأساس في مكب الناعمة كانت بحسب ما أكدت المصادر أن "النفايات كانت ترمى دون فرز أو تسبيخ لعدم وجود قدرة على القيام بذلك، فكيف أصبحت موجودة في برج حمود حالياً؟!، فهل يحدث في المكب حالياً ما كان يحصل في الناعمة سابقاً، لجهة رمي النفايات دون فرز أو تسبيخ رغم أن هذه الشروط موجودة في العقد"؟!.

تذهب المصادر أبعد من ذلك، لتشير الى أن "كلّ ما يحدث على ساحل المتن من أعمال يشغّل المقالع، إذ إن عملية تشييد الحائط البحري وردم البحر تحتاج الى صخور وحجارة، وهنا يطرح السؤال: "من أي مقالع تأتي الحجارة والصخور، وهل هي مرخّصة أم مخالفة للقانون"؟!، مذكّرة بالقرار الذي كان أصدره القاضي مروان كركبي حول الموقعين في برج حمود والجديدة والذي عاد فجأة وتراجع عنه، وتشير الى أن "هذا القرار يؤكد صحّة الكلام عن أن ما يحصل في ساحل المتن هو مشروع عقاري استثماري يتم من خلاله التخلّص من النفايات، وليس مشروعاً لمعالجتها أو إيجاد حلول للأزمة".

إذاً، عملياً ومع ما يحصل في المكانين المذكورين، على أهالي ساحل المتن تحملّ الروائح الكريهة والأمراض التي لن تزول بعد الانتهاء من الاعمال هناك، نظراً للتلوّث الكبير الذي لحق وسيلحق بالبيئة والبحر، ومن يريد أن يعرف أكثر فليقصد صيدا ويسأل كيف كانت الأمور خلال مرحلة معالجة جبل النفايات البحري كرمى للمشروع الاقتصادي الذي يُشيّد. ولا بد بدورنا أن نطرح الصوت عاليًا حيال مشروع سوليدير 3 على ساحل المتن الّذي يستثمره سياسيون ويدفع ثمنه اللبناني من أمواله وصحته!.

للإطلاع على المزيد من الصور أنقر هنا