دخلت الحرب السورية، والتي ذهب ضحيتها حتى الآن 465 الف قتيل ومفقود وملايين النازحين، عامها السادس، ولم تلق النداءات المتكررة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون آذانا صاغية بضرورة عودة النازحين السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية الى بلادهم، بعدما تأكد وجود مناطق آمنة، وهذا ما يفسر تنقّل عدد منهم بين لبنان وسوريا، خلافا لما يفترض أن تعنيه صفة نازح.
ولم تتحرك الحكومة اللبنانية ولا المنظمات الدولية لللمساعدة في عودتهم الى بلادهم، كما ان العرض الذي قدمه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للمساعدة في هذا السياق بقي حبرا على ورق، بسبب رفض البعض التشاور مع النظام السوري حول هذا الملف.
ويتأرجح عدد هؤلاء النازحين بين إحصاءات المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تقدر عددهم بمليون "لاجئ" مع ما يتضمّن هذا الأمر من واجبات على الدولة اللبنانية، وبين احصائيّات لبنان الّذي يقدّر عددهم بحوالي مليوني نازح.
وشهد عدد من المدن والبلدات والقرى اللبنانية مشاكل ونزاعات بين الضيوف والمضيفين نظرا الى مزاحمة النازحين للسكان في أعمالهم وتجارتهم ولقمة عيشهم، إضافة الى انغماس البعض في اعمال ارهابيّة تهدد الأمن اللبناني، ورفعت بلديات كثيرة لافتات تحذّر من تجوال هؤلاء الغرباء بعد الساعة السابعة من مساء كل يوم.
في المقابل تقول مصادر في المنظمات الدولية التي ترعى مصالح النازحين انه في غياب حل سياسي للازمة السورية الذي وبرأيها لا يزال بعيدا، فإن اي عودة لهم الى بلادهم لن تكون آمنة، بل بالعكس هي تتخوف من تدهور الاوضاع، مما سيتسبب في المزيد من النزوح السوري الى لبنان ودوّل المنطقة.
وفي هذا السياق تتابع المصادر، ان هذه المنظمات توسع أعمالها ونشاطاتها بدل ان تتحضر لإنهاء مهمّاتها، حيث يؤكد مسؤول في الهيئة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان التابعة للأمم المتحدة أن "لا احد كان يتوقع ان تطول هذه الحرب، وها هي تدخل عامها السادس، مع استمرار تدفق المزيد من النازحين السوريين".
وبحسب المسؤول الدولي، ان أغلبية المنظمات الانسانية كانت تعتقد ان ازمة النزوح ستكون موقتة، لكن مع مرور الوقت تبين عكس ذلك وبدأت المنظّمات نفسها تركّز اهتماماتها على تقديم الدعم لهؤلاء بهدف استقرار أوضاعهم في البلد المضيف، بالتزامن مع تقديم المساعدات الانسانية لهم.
ويتابع هذا المسؤول، ان وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وضعت خطة لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين تمتد من العام 2017 حتى العام 2020، أي انها عزّزت الخطة من مرحلة الطوارئ الى مرحلة المساعدات طويلة الامد.
ويضيف: "لنكون واقعيين، لن يتمكن هؤلاء من العودة الى بلادهم قبل ثلاث سنوات على أقل تقدير، ولهذا فإن هذه الخطة ستكون اكثر فعالية".
وتابع: "ان الحاجة لتطوير خطة المساعدات برزت في المؤتمر الذي عقد في لندن عام 2016 الذي لحظ المزيد من التقديمات للدول المجاورة لسوريا بهدف تعزيز قدراتها لتحمل الأعباء".
وكان البنك الدولي أعلن في حينه إعفاء لبنان من فائدة القروض لتمويل خطة تحسين أداء القطاعات والدوائر المسؤولة عن التعليم والصحة والبنية التحتية.
ويعتقد المسؤول الدولي ان اوضاع اللاجئين السوريين في دول الجوار ما زالت مزرية، والمطلوب لحل هذه المشكلة ديناميكية جديدة في جميع المجالات، من خلال التطوير.
ومن المتوقع ان تطلب المنظمات الدولية المزيد من الأموال في المؤتمر الذي سيعقد في بروكسل خلال شهر نيسان المقبل، والذي سيناقش مستقبل سوريا والمنطقة.
هذا وضاعفت جمعية أطباء بلا حدود الدولية اهتمامها في تقديم المساعدات الانسانية للنازحين السوريين وللبنان.
وقال مصدر في الجمعية المذكورة "اننا نرمم مستشفى في مار الياس، ونتفاوض مع مستشفى في زحلة لتوقيع اتفاقية لبناء جناح متخصص لامراض الأطفال".
كما تنظر الجمعية، حسب المصدر، في زيادة مساعداتها الصحية لمرضى السكري والضغط، لأنه اذا لم تتوفر مثل هذه المعالجة فإن هذه الأمراض ستؤدي الى مضاعفة نسبة الوفيات بين اللاجئين".
ويشير تقرير صادر عن مكتب الامم المتحدة للمساعدات الانسانية، ان لبنان تلقى حوالى مليار دولار عام 2016، ما يشكل اكثر من سبعة في المئة من إجمالي المبلغ المخصص لمساعدة الدول التي تأوي النازحين لهذا العام.
ورأت مصادر سياسية لبنانية ان عدم قيام الدولة اللبنانية اليوم وقبل الغد باجراءات عملية، وبإتصالات مهما كانت شاقة لتأمين عودة السوريين الى بلادهم، فإن الاسرة الدولية لن تتوانى في الضغط على بيروت لتطبيق ما قاله الامين العام السابق للأمم ألمتحدة بان كي مون، بأن على الدول المضيفة للنازحين السوريين ان تؤمن لهم فرص عمل وإقامة دائمة وتوطينهم في البلدان التي نزحوا اليها، مما سيشكّل خطرا ديموغرافيا وسياسيا واقتصاديا على لبنان أكبر بكثير من خطر عدم التوافق على قانون للانتخابات، او على موازنة او غيرها من المشاكل الداخلية.