في هذه الأيام عين على الميدان السوري وما يشهده من خلط أوراق، وعين على الجولة الثالثة من محادثات أستانة وما تشهده من مفاوضات
ومشاورات، لكن في ظل غياب بعض أطراف المعارضة عن أستانة، وفي ظل الحسابات الدولية، هل من نتائج مأمولة من هذه الجولة؟
مصادر في المعارضة السورية لا تتوقع نتائج هامة للجولة المذكورة، بانتظار جلاء الموقف الأميركي الحقيقي من العملية السياسية في سورية، لافتة إلى أن للإدارة الأميركية أولويات داخلية في الوقت الراهن، وتركت مهمة تنظيم العملية السياسية لروسيا والدول الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية، وترى أن جلّ ما يمكن أن تُحقق هذه الجولة، هو التفاهم على وضع آلية لوقف النار، وتتهم المصادر المجموعات التابعة للمملكة العربية السعودية بتعطيل العملية السياسية، والمراهنة على موقف واشنطن، أو إحداث تغيير في موزاين القوى على الأرض، وهذا لم يحدث حتى الآن، فهجوم درعا، على سبيل المثال، لن يغير شيئاً، واصفة سلوكها بالغريب.
وعن إصرار “جماعة الرياض” على رفض وجود الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، تجزم المصادر أن هذا الكلام لم يعد واردا في مجلس الأمن في المرحلة الرهنة، مؤكدة أن “المملكة” تسعى إلى إطالة أمد الأزمة، والولايات المتحدة غير معنية في هذه اللحظة بإنهاء الصراع، بينما الروس يريدون العكس.
وعن التقارب الروسي – التركي، ترى المصادر أنه أبعد من الأزمة السورية، وهو لترتيب المنطقة ككل، لذلك جمعوا الأتراك والإيرانيين على طاولة واحدة، وبالتالي هم يحاولون إيجاد الظروف المناسبة لذلك.
في الشق الميداني، تعتبر المصادر أنه لا يمكن حسم مصير مدينة الباب في ريف حلب إلا بعد انعقاد جولة جنيف الخامسة، مرجّحة أن يتم تسلميها للقوات السورية على أن تؤازرها الفصائل المسلحة التي تدور في الفلك التركي، إلا أن ذلك لا يعني أن الإجراءات واضحة تماماً بين دمشق وأنقرة، لكن الأمور متجهة إلى بداية تذويب الجليد بين البلدين.
وترى المصادر أن تركيا المعروفة تاريخياً كقاعدة إسناد لحلف “الناتو” تبدّلت راهناً، خصوصاً مع بداية ظهور كيان كردي في الشمال السوري، فلدى الأتراك مخاوف دفعتهم إلى اللعب على التوازنات الدولية التي يجيدونها بإتقان، لكن إلى الآن من غير الواضح أين سيكون موقعهم المستقبلي.
وعن المسألة الكردية، تعتبر المصادر أن الأكراد أقرب إلى روسيا من الولايات المتحدة، وحتماً سيصار إلى إيجاد حل لهذه المسألة، من دون أن تستبعد نيل المناطق الكردية نوعاً من اللامركزية الإدارة، إلا أنها تسأل: “هل تتحول الى لامركزية سياسية”؟ وتؤكد أن هذا الأمرغير مقبول لدى دمشق وطهران وأنقرة، لافتة الانتباه إلى أن الدول الكبرى تستخدم المسألة الكردية للضغط على مختلف الأطراف الإقليميين.
وتستنتج المصادر أن إنهاء الأزمة مرتبط بالتوازنات الدولية في المنطقة، وليس فقط بالحسم الميداني، على الرغم من تأثيره المهم في أي عملية سياسية.